فأتيت علي رجل منهم، فذهبت أطعنه، فقال: لا إله إلا الله. فطعنته فقتلته، فجئت إلي النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال:((أقتلته وقد شهد أن لا إله إلا الله؟)) قلت يا رسول الله! إنما فعل ذلك تعوذاً. قال:((هلا شققت عن قلبه؟!)). متفق عليه.
٣٤٥١ - وفي رواية جندب بن عبد الله البجلي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟)) قاله مراراً. رواه مسلم.
٣٤٥٢ - وعن عبد الله بن عمرو [رضي الله عنه]، قال: قال رسول الله ((من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة؛ وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين خريفاً)). رواه البخاري.
ــ
بالظاهر وما ينطق به اللسان، وأما القلب فليس لك طريق إلي معرفة ما فيه. فأنكر عليه امتناعه من العمل بما ظهر باللسان، وقال:((فهلا شققت عن قلبه))؟ تنظر هل قالها بالقلب واعتقدها وكانت فيه أم لم تكن، بل جرت علي اللسان فحسب؟ يعني وأنت لست بقادر علي هذا، واقتصر علي اللسان ولا تطلب غيره. وفيه دليل للقاعدة المعروفة في الفقه والأصول أن الأحكام يحكم فيها بالظواهر، والله تعالي يتولي السرائر.
((مظ)): يشبه أن يكون المعنى فيه أن الأصل في دماء الكفار الإباحة، وكان عند أسامة أنه إنما تكلم بكلمة التوحيد مستعيذاً من القتل لا مصدقاً به، فقتله علي أنه مباح الدم، وأنه مأمور بقتله، والخطأ عن المجتهد موضوع، أو تأول في قتله أن لا توبة له في هذه الحالة؛ لقوله تعالي:{فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا}. ((قض)): وأيضا هذا الرجل وإن لم يكن محكوماً بإسلامه بما قال، حتى يضم إليه الإقرار بالنبوة، لكنه لما أتى بما هو المقصود والعمدة بالذات كان من حقه أن يمسك عنه حتى يتعرف حاله.
أقول: ليس في سياق هذا الحديث وما تلفظ به صلى الله عليه وسلم إشعار بإهدار دم القاتل قصاصاً ولا بالدية، بل فيه الدفع عنه بشبهة ما تمسك به بقوله:((إنما فعل ذلك تعوذاً)) والزجر والتوبيخ علي فعله والبغي عليه بقوله: ((كيف تصنع بلا إله إلا الله؟)).
الحديث السادس عن عبد الله بن عمرو: قوله: ((من قتل معاهداً)((قض)): يريد بالمعاهد من كان له مع المسلمين عهد شرعي، سواء كان بعقد جزية أو هدنة من سلطان أو أمان من مسلم. وقوله:((لم يرح)) فيه روايات ثلاث: بفتح الراء من راح يراح، وبكسر الراء من راح يريح،