٣٤٦٢ – * عن عبد الله بن عمرو، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((لزوال الدنيا أهون علي الله من قتل رجل مسلم)). رواه الترمذي، والنسائي. ووقفه بعضهم، وهو الأصح. [٣٤٦٢]
٣٤٦٣ - ورواه ابن ماجه عن البراء بن عازب. [٣٤٦٣]
ــ
وبلدة ليس فيها إنيس إلا اليعافير وإلا العيس
فيؤول قوله:((إلا فهما يعطي)) بقوله: ما يستنبط من كلام الله تعالي بفهم رزقه الله تعالي لم يستبعد، فيكون المعنى: ليس عندنا شيء قط إلا ما في القرآن، وما في الفهم من الاستنباط منه، وما في الصحيفة. وقد علم وحقق أن الاستنباط من القرآن منه، وأن ما في الصحيفة لا يخلو من أن يكون منصوصاً في القرآن أو مستنبطاً منه، فليزم أن لا شيء خارجاً عنه كما قال تعالي:{ولا رَطْبٍ ولا يَابِسٍ إلَاّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}. وهذا فن غريب وأسلوب عجيب، فحينئذ يحسن رد زعم من زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم خص أهل بيته من علم الوحي بما لم يفض به إلي غيرهم، ومن زعم أنه صلى الله عليه وسلم جعله خليفة بعده.
قال أبو الحسن الصنعإني في الدر الملتقط: ومن الموضوع قولهم: قال في المرض الذي توفي فيه: يا علي! ادع بصحيفة وداوة، فأملي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتب علي وشهد جبريل، ثم طويت الصحيفة. قال الراوي: فمن حدثكم أنه يعلم ما في الصحيفة إلا الذي أملاها وكتبها وشهدها فلا تصدقوه. وقولهم: وصيي وموضع سري وخليفتي في أهلي، وخير من أخلف بعدي، علي بن أبي طالب. والله أعلم.
الفصل الثاني
الحديث الأول عن عبد الله: قوله: ((لزوال الدنيا)) الدنيا هنا عبارة عن الدار القربى التي هي معبر إلي دار الأخرى وهي مزرعة لها، وما خلقت السموات والأرض إلا لتكون مسارح أنظار المتبصرين ومتعبدات المطيعين، وإليه الإشارة بقوله تعالي:{ويَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً} أي بغير حكمة، بل خلقتها لأن تجعلها مساكن للمكلفين وأدلة لهم علي معرفتك، فمن حاول قتل من خلق الدنيا لأجله فقد حاول زوال الدنيا. وبهذا لمح ما ورد في الحديث الصحيح ((لا تقوم الساعة علي أحد يقول: الله الله)).
قوله:((ووقفه بعضهم)) أي بعض الرواة لم يرفع الحديث إلي النبي صلى الله عليه وسلم بل وقفه علي الصحابي.