بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا قتلت النفس التي حرم الله فبم تقتلونني؟ رواه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه وللدارمي لفظ الحديث. [٣٤٦٦]
٣٤٦٧ - وعن أبي الدرداء، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:((لا يزال المؤمن معنقاً صالحاً، ما لم يصب دماً حراماً، فإذا أصاب دماً حراماً بلح)) رواه أبو داود. [٣٤٦٧]
٣٤٦٨ - وعنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال:((كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركاً أو من يقتل مؤمناً متعمداً)). رواه أبو داود. [٣٤٦٨]
ــ
الحديث الخامس عن أبي الدرداء: قوله: ((معنقاً)) ((قض)): المعنق المسرع في المشي من العنق وهو الإسراع والخطو الفسيح، وجمعه معإنيق. والتبليح الإعياء، والمعنى أن المؤمن لا يزال موفقاً للخيرات مسارعاً إليها ما لم يصب دماً حراماً، فإذا أصاب ذلك أعيي وانقطع عنه ذلك؛ لشؤم ما ارتكب من الإثم. وقال أبو عبيدة: معنقاً منبسطاً في سيره، يعني في القيامة. ((تو)): لا أرى هذا سديداً؛ لأن قوله:((معنقاً)) مشروط بقوله: ((ما لم يصب دماً حراماً)) ولا يصح أن يصيب دماً حراماً في القيامة.
أقول: لعل مراده أن هذا إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم عن الأحوال الآتية، أي لا يزال المؤمن منبسطاً في سيره يوم القيامة ما لم يصب في الدنيا دماً حراماً، ونحوه في المعنى حديث أبي هريرة:((من أعان علي قتل المؤمن بشطر كلمة، لقي الله مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة الله)). ويجوز أن يقع السبب والمسبب في الدنيا، والمعنى لا يزال المؤمن في سعة من دينه ترجى له رحمة الله ولطفه، ولو باشر الكبائر سوى القتل، فإذا قتل أعيي وضاقت عليه، علي ما سبق في الحديث الثاني من الفصل الأول.
الحديث السادس عن أبي الدرداء: قوله: ((إلا من مات)) ((شف)): لا بد من إضمار مضاف إما في المستثنى أو في المستثنى منه، أي كل قارف ذنب أو إلا ذنب من مات مشركاً ((مظ)): ((ومن يقتل مؤمناً متعمداً)) أي إذا كان مستحلا دمه. أقول: قوله: ((إلا من مات مشركاً)) من قوله تعالي: {إنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ ويَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} وقوله: {ومَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا} من قوله تعالي: {ومَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} الآية، وقد ثبت عند المعتزلة أن حكم الشرك بما دونه من الكبائر سواء، لا يغفران قبل التوبة ويغفران بعدها، وظاهر الحديث يساعد قولهم.