٣٤٨٩ - وعن المغيرة بن شعبة: أن امرأتين كانتا ضرتين، فرمت إحداهما الأخرى بحجر أو عمود فسطاط، فألقت جنينها، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنين
ــ
قوله:((والعقل)) ((حس)): العقل هو الدية وسمى بذلك؛ لأنه من العقل وهو الشد، وذلك أن القاتل كان يأتي بالإبل فيعقلها في فناء المقتول، وبه سميت العصبة التي تحمل العقل عاقلة. وقيل: سميت به عاقلة؛ لأنه من المنع والعقل هو المنع، وبه سمى العقل المركب في الإنسان؛ لأنه يمنعه عما لا يحسن.
((مح)): واتفقوا علي أن دية الجنين هي الغرة سواء كان الجنين ذكراً أو أنثى، وسواء كان كامل الخلقة أو ناقصها إذا تصور فيها خلق آدمي. وإنما كان كذلك؛ لأن الجنين قد يخفي فيكثر فيه النزاع، وضبطه الشارع بما يقطع النزاع. ثم تكون الغرة لورثة الجنين جميعهم، وهذا شخص يورث ولا يرث، ولا يعرف له نظير إلا من بعضه حر وبعضه رقيق؛ فإنه لا يرث عندنا ولكن يورث علي الأصح، هذا إذا انفصل الجنين ميتاً أما إذا انفصل حياً ثم مات فتجب فيه كمال دية الكبير، فإن كان ذكراً وجب مائة بعير، وإن كان أنثى فخمسون. وسواء فيه العمد والخطأ. ومتى وجبت الغرة فهي علي العاقلة لا علي الجإني.
((ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت)). قال العلماء: هذا الكلام قد يوهم خلاف مراده، فالصواب أن المرأة التي ماتت هي المجني عليها أم الجنين لا الجإنية. وقد صرح به في حديث آخر بقوله:((فقتلها وما في بطنها)) فيكون المراد بقوله: ((التي قضى عليها بالغرة)) أي التي قضى لها بالغرة فعبر بـ ((عليها)) عن ((لها)) والحجر فيه محمول علي حجر صغير لا يقصد به القتل غالباً، فيكون شبه عمد تجب فيه الدية علي العاقلة، وليس علي الجإني قصاص ولادية. وهذا مذهب الشافعي والجماهير. و ((لحيان)) بفتح اللام وكسرها، والذي أشهر وهم بطن من هذيل. وفي قوله:((والعقل علي عصبتها)) دليل علي ما قاله الفقهاء: إن دية الخطأ علي العاقلة، وإنها تختص بعصبات القاتل، سوى آبائه وأبنائه.
أقول: ونظير التعبير بـ ((عليها)) عن ((لها)) قوله تعالي: {لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلي النَّاسِ ويَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} أي لكم فضمن معنى الرقيب، فالمعنى فحفظ عليها حقها قاضياً لها بالغرة. فعلي هذا الضمير في قوله:((علي عاقلتها)) للجإنية ((وفي ورثتها)) للدية و ((في ولدها)) للمجني عليها. وجمع الضمير في ((معهم))؛ ليدل علي أن الولد في معنى الجمع. ((ومن معهم)) هو الزوج بدلالة قوله في الحديث السابق: ((بأن ميراثها لبنيها وزوجها)). هذا إذا كان الحديثان في قضية واحدة وهو الظاهر، وأما إذا كانا في قضيتين فالمعنى بقوله:((قضى عليها)) هي الجإنية، فيكون ميراثها لبنيها وزوجها، والدية علي عصبتها.
الحديث الرابع عن المغيرة: قوله: ((أو عمود فسطاط)) ((نه)): هو ضرب من الأبنية في السفر