للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٥١١ - وعن يعلي بن أمية، قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش العسرة، وكان لي أجير، فقاتل إنسانا فعض احدهما يد الآخر، فانتزع المعضوض يده من في العاض، فأندر ثنيه فسقط، فانطلق إلي النبي صلى الله عليه وسلم، فأهدر ثنيه، وقال: ((أيدع يده في فيك تقضمها كالفحل)) متفق عليه.

٣٥١٢ - وعن عبد الله بن عمرو، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من قتل دون ماله فهو شهيد)) متفق عليه.

٣٥١٣ - وعن أبي هريرة، قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله! أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: ((فلا تعطه مالك)) قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: ((قاتله)). قال: أريت إن قتلني؟ قال: ((فأنت شهيد)). قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: ((هو في النار)) رواه مسلم.

ــ

الحديث الثاني والثالث والرابع عن يعلي: قوله: ((غزوت)) غزوت العدو قصدته للقتال غزوا. قوله ((مع رسول الله صلى الله عليه وسلم)) حال من الفاعل، و ((جيش العسرة)) حال من رسول الله، المعنى قصدت مصاحبا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حال كونه مجهزا جيش العسرة. وفي حديث عثمان انه جهز جيش العسرة وهو جيش غزوة تبوك، سمى به؛ لأنه يذب الناس إلي الغزو في شدة القيظ، وكان وقت إيناع الثمرة وطيب الظلال، فعسر ذلك عليهم وشق، والعسر ضد اليسر وهو الضيق والشدة والصعوبة. و ((فأهدر ثنيه)) أي أسقطها.

قوله: ((أيدع)) ((قض)): ((أيدع يده)) إلي آخره إشارة إلي علة الإهدار، وهو أن ما يدفع به الصائل المجتاز إذا تعين طريقا إلي دفعه مهدر؛ لأن الدافع مضطر إليه، ألجأه الصائل إلي دفعه به. فهو نتيجة فعله، ومسبب من جنايته، فكأنه الذي فعله وجنى به علي نفسه. والقضم الأكل بأطراف الأسنان، يقال: قضمت الناقة شعيرها بالكسر تقضمه قضما.

((حس)): وكذلك لو قصد رجل الفجور بأمره فدفعته عن نفسها فقضمته لا شيء عليها. رفع عمر رضي الله عنه جارية كانت تحتطب فاتبعها رجل فراودها عن نفسها، فرمته بحجر فقتلته، فقال عمر رضي الله عنه: هذا قتيل الله، والله لا يودي أبدا. وهو قول الشافعي. وكذا من قصد ماله ودمه وأهله فله دفع القاصد ومقاتليه، وينبغي أن يدفع بالأحسن فالأحسن، فان لم يمتنع إلا بالمقاتلة وقتله فدمه مهدر، وهل له أن يستسلم؟ نظرا إن أريد ماله فله ذلك، وإن أريد دمه ولا يمكنه دفعه إلا بالقتل، فقد ذهب قوم إلي أن له الاستسلام إلا أن يكون القاصد كافرا أو بهيمة. وذهب قوم إلي أن الواجب عليه الاستسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>