٣٥٢٥ - وعنه، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه؛ فإن الله خلق آدم علي صورته)) متفق عليه.
ــ
رءوسهن ليظهرن وجوههن ورءوسهن، والمائلات الزائغات عن العفاف واستعمال الطاعة، أو المائلات إلي الهوى والفجور، والمميلات غيرهن في مثل فعلهن من الزيغ والفجور.
قوله:((لا يدخلن الجنة)) معناه أنهن لا يدخلنها ولا يجدن ريحها حين ما يدخلها ويجد ريحها العفائف المتورعات، لا أنهن لا يدخلن أبدا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر:((وإن زنى وإن سرق)) ثلاثا. والله أعلم. أقول: قوله: ((كاسيات عاريات)) أثبت لهن الكسوة ثم نفاها؛ لأن حقيقة الاكتساء ستر العورة، فإذا لم يتحقق الستر فكأنه لا اكتساء، ومنه قول الشاعر:
خلقوا وما خلقوا لمكرمة فكأنهم خلقوا وما خلقوا
رزقوا وما رزقوا سماح يد فكأنهم رزقوا وما رزقوا
والله أعلم.
الحديث السادس عشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((خلق آدم علي صورته)) فيه أقوال، والأول: أن الضمير راجع إلي آدم، وهو اختيار ابن الجوزي، وفيه وجوه، أحدهما: أنه خلق علي صورته التي كان عليها من مبدأ فطرته إلي منقرض عمره ولم تتفاوت قامته ولم تتغير هيئته، بخلاف سائر الناس؛ فإن كل واحد منهم يكون أولا نطفة ثم علقة ثم مضغة، ثم عظاما وأعصابا عارية، ثم عظاما وأعصابا مكسوبة لحما، ثم حيوانا ماجنا في الرحم لا يأكل ولا يشرب، بل يتغذى من عرق كالنبات، ثم يكون مولودا رضيعا، ثم طفلا ثم مترعرعا، ثم مراهقا ثم شابا ثم كهلا ثم شيخا.
وثإنيها: أنه خلق علي صورة حال تختص به لا يشاركه نوع أخر من المخلوقات؛ فإنه يوصف مرة بالعلم وأخرى بالجهل، وتارة بالغواية والعصيان والإخراج من الجنان، ولحظة يتسم بسمة الاجتباء ويتوج بتاج الخلافة والاصطفاء، وبرهة يستعمل بتدبير الأرضين، وساعة يصعد بروحه إلي أعلي عليين، وطورا يشارك البهائم في مأكله ومشربه ومنكحه، وطورا يسابق الكروبيين في فكره وذكره وتسبيحه وتهليله.
وثالثهما: أنه تعالي اخترعها اختراعا عظيما في خلقها؛ إذ كل مخلوق قد تقدم أمثال له، فيخلقون علي صور أمثالهم المتقدمة، وإما آدم فاخترع خلقا جديدا عجيبا ملكي الروح حيوإني الجسم منتصب القامة، فلم يجد علي مثال له تقدم، وكأنه قال: ارتجل صورته اختراعا لا تشبيها بتقدم ولا محاذيا لخلق آخر، بل تولي القديم بنفسه خلق هذه الصورة إبداعا جديدا وخلقا عجيبا، لم يسبقه ما يشبهه بصفة ما. وتعظيم وجه الإنسان إما لأنه أشرف جزء من الإنسان إذ أكثر الحواس فيه؛ أو لأنه إذا عدم عدم الكل بخلاف بقية الأعضاء.
ــ
وفي هذا التأويل إضمار، كأنه قيل: هذا المضروب من أولاد آدم، فاجتنبوا ضرب العضو الأشراف منه احتراما له؛ لأنه يشبه وجه آدم. والثاني أن الضمير راجع إلي المضروب. قال الشيخ محي الدين: وهو رواية مسلم. ويحتمل أن يرجع إلي ((الوجه))