٣٥٥٧ - وعن عمر [رضي الله عنه]، قال: إن الله بعث محمداً بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله تعالي آية الرجم، رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجمنا بعده، والرجم في كتاب الله حق علي من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء، إذا قامت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف. متفق عليه.
٣٥٥٨ - وعن عبادة بن الصامت، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((خذوا عني خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا: البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم)). رواه مسلم.
ــ
الحديث الثالث عن عمر رضي الله عنه: قوله: ((آية الرجم)) اسم ((كان)) و ((من)) التبعيضية في ((مما أنزل)) خبره، وإنما جعل قوله:((إن الله بعث محمداً بالحق وأنزل عليه الكتاب)) مقدمة للكلام ورفعاً للريبة ودفعاً للتهمة، يدل عليه قوله في تمام هذا الحديث بعد قوله:((ورجمنا بعده)) ((فأخشى إن طال بالناس زمن أن يقولوا: ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله؛ فإن الرجم في كتاب الله حق))، وفي آخره ((وايم الله لولا أن يقول الناس زاد في كتاب الله لكتبتها)) أخرجه الأئمة إلا النسائي، وفي رواية ابن ماجه: وقد قرأ بها ((الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة)).
الحديث الرابع عن عبادة: قوله: ((قد جعل الله لهن سبيلا)) ((تو)): كان هذا القول حين شرع الحد في الزإني والزإنية، والسبيل هاهنا الحد؛ لأنه لم يكن مشروعاً ذلك الوقت، وكان الحكم فيه ما ذكر في كتاب الله {واللَاّتِي يَأْتِينَ الفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ فَإن شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي البُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ المَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً}.
أقول: التكرير في قوله: ((خذوا عني)) يدل علي ظهور أمر قد خفي شأنه واهتم بيانه؛ فإن قوله:((قد جعل الله لهن سبيلا)) مبهم في التنزيل، ولم يعلم ما تلك السبيل؟ أي الحد الثابت في حق المحصن وغيره، فقوله:((البكر بالبكر)) إلي آخره بيان لمبهم وتفصيل للمجمل وعلي طريقة الاستئناف مصداقاً لقوله تعالي: {وأَنزَلْنَا إلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ ولَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} والتقسيم حاصر من حيث المفهوم؛ لأن اللاتي يأتين الفاحشة لا يخلو إما أن تكون بكراً أو ثيباً، والأولي إما زنت بالبكر أو بالثيب، والثانية أيضاً كذلك، فبين في الحديث ما حد البكر بالبكر والثيب بالثيب، وترك ذكر الثيب مع البكر لظهوره، ولحديث عسيف علي ما سبق. ((مح)): اختلفوا في هذه الآية، فقيل: هي محكمة وهذا الحديث مفسر لها. وقيل: منسوخة بالآية التي في أول سورة النور. وقيل: إن آية النور في البكرين وهذه الآية في الثيبين.