وفي رواية للبخاري: عن جابر بعد قوله: قال: نعم فأمر به فرجم بالمصلي، فلما أذلقته الحجارة فر فأدرك، فرجم حتى مات. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيراً وصلي عليه.
٣٥٦١ - وعن ابن عباس، قال: لما أتى ماعز بن مالك النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: ((لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت؟)) قال: لا يا رسول الله! قال: ((أنكتها؟)) لا يكنى، قال: نعم، فعند ذلك أمر برجمه. رواه البخاري.
٣٥٦٢ - وعن بريدة، قال: جاء ماعز بن مالك إلي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله
ــ
وصيانة دمه. وفيه إشارة إلي أن إقرار المجنون باطل، وأن الحدود لا تجري عليه. وفي سؤاله ((أحصنت؟)) إشارة إلي أن علي الإمام أن يسأل عن شرط الرجم من الإحصان وغيره، سواء ثبت بالإقرار أم بالبينة. وفيه مؤاخذة الإنسان بإقراره. وفيه تعريض بالعفو عن حد الزنا إذا رجع عن الإقرار. وفيه دليل علي أن الرجم كاف ولا يجلد.
قوله:((فرجم بالمصلي)) ((مح)): قالوا: المراد به مصلي الجنائز، ويشهد له الرواية الأخرى ((في بقيع الغرقد))، وهو موضع الجنائز بالمدينة. قال البخاري: فيه دليل علي أن مصلي الجنائز والأعياد إذا لم يجعل مسجداً لا يثبت له حكم المسجد؛ إذ لو كان له حكمه لاجتنب الرجم فيه لتلطخه بالدماء. وقال الدارمي من أصحابنا: إن مصلي العيد وغيره إذا لم يكن مسجداً هل يثبت له حكم المسجد؟ فيه وجهان: أصحهما ليس له حكم المسجد.
قوله:((أدركناه بالحرة)) ((مح)): اختلفوا في المحصن إذا أقر بالزنا، وشرعوا في رجمه فهرب هل يترك أم يتبع ليقام عليه الحد؟ قال الشافعي وأحمد وغيرهما: يترك ولكن يستقال له، فإن رجع عن الإقرار ترك، وإن أعاده رجم، واحتجوا بما جاء في رواية أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((هلا تركتموه فلعله يتوب، فيتوب الله عليه))، وقال مالك وغيره: إنه يتبع ويرجم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يلزمهم ديته مع أنهم قتلوه بعد هربه، وأجيب عن هذا بأنه لم يصرح بالرجوع، وقد ثبت عليه الحد.
الحديث السابع عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((أنكتها)) مقول القول و ((لا يكنى)) حال، أي قال ذلك مصرحاً غير [مكنى] عنه، وهذا التصريح تصريح في استحباب التعريض بالعفو إذا كنى الجإني ولم يصرح. ((مح)): فيه استحباب تلقين المقر بالزنا والسرقة وغيرهما بالرجوع، وبما يعتذر به من شبهة فيقبل رجوعه؛ لأن الحدود مبنية علي المساهلة والدرء، بخلاف حقوق الآدميين وحقوق الله تعالي المالية كالزكاة والكفارة وغيرهما؛ فإنه لا يجوز التلقين فيها.
الحديث الثامن عن بريدة: قوله: ((فرجع غير بعيد)) أي غير زمان بعيد لقوله تعالي: {فَمَكَثَ