للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فقال: ((ويحك ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه)) فقال: تريد أن ترددني كما رددت ماعز بن مالك: إنها حبلي من الزنا. فقال: ((أنت؟)) قالت: نعم. قال لها: ((حتى تضعي ما في بطنك)) قال: فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: قد وضعت الغامدية فقال: ((إذن لا نرجمها وندع ولدها صغيراً، ليس له من يرضعه)) فقام رجل من الأنصار، فقال: إلي رضاعة با نبي الله! قال: فرجمها. وفي رواية: أنه قال لها: ((اذهبي حتى تلدي)) فلما ولدت قال: ((اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه)). فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبر. فقالت: هذا يا نبي الله قد فطمته، وقد أكل الطعام، فدفع الصبي إلي رجل من المسلمين، ثم أمر بها فحفر لها إلي صدرها، وأمر الناس فرجموها. فيقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها، فتنضح

ــ

الإقرار لظهور الحبل بخلافه، وقوله: ((أنها حبلي)) علي الغيبة حكاية قولها: إني حبلي، يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: ((أنت)) لأنه تقرير لما تكلمت به، وقوله ((حتى تضعي)) غاية لجواب قولها: طهرني أي لم أطهرك حتى تضعي.

قوله: ((فكفلها)) ((مح)): أي قام بمئونها ومصالحها، وليس هو من الكفالة التي بمعنى الضمان؛ لأنها غير جائزة في حدود الله تعالي. قوله: ((إذن)) هو جواب وجزاء يعني إذا وضعت الغامدية فلا نرجمها ونترك ولدها. قوله: ((بالصبي)) حال من فاعل ((أتته)) وضمير المفعول راجع إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

((مح)) الرواية الأخيرة مخالفة للأولي، فإن الثانية صريحة في أن رجمها كان بعد الفطام وأكل الخبز، والأولي ظاهرة في أن رجمها عقيب الولادة فوجب تأويل الأولي لصراحة الثانية، ليتفقا؛ لأنها قضية واحدة والروايتان صحيحتان، فقوله في الأول: ((فقام رجل من الأنصار فقال: إلي رضاعه)) , [إنما قاله بعد الفطام، والمراد بالرضاعة كفالته وتربيته. سماه رضاعاً مجازاً. أقول: ويحتمل أن يقال: إن معنى قوله: ((إلي رضاعه))] أي إني أتكفل مئونة المرضعة لترضع ولدها كما كفل الرجل مئونتها حين كانت حاملا، فإذن الفاء في قوله: ((فرجمها)) فصيحة أي سلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه مع ولدها فرضعته حتى فطمته، وأتته به في يده كسرة خبز، فدفع الصبي إلي غيرها فأمر برجمها.

قوله: ((فيقبل)) ((تو)): يروى هذا اللفظ بالياء ذات النقطتين من تحت بين يدي القاف واللام علي زنة الماضي من التقبيل، وليس بشيء معنى ورواية، وإنما أتاهم الغلط من حيث إن الراوي أتى به علي بناء المضارع من الإقبال، كأنه يريد حكاية الحال الماضية، وروى أنه لو كان من الإقبال الماضي لأتى به علي زنة الماضي [لكونه أشبه بنسق الكلام وصحح القاضي هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>