الدم علي وجه خالد، فسبها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((مهلا يا خالد فو الذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له)) ثم أمر بها فصلي عليها ودفنت. رواه مسلم.
ــ
الرواية، وقال في بعض النسخ: فقبل بالباء علي صيغة الماضي] من التقبيل وهو التتبع، أي يتبعها بحجر.
أقول: قد تقرر في علم المعإني أن القصة إذا كانت عجيبة الشأن يعدل من الماضي إلي المضارع لتصوير تلك الحالة مشاهدة واستحضاراً لتعجب السامع منها، قال تأبط شراً:
بإني قد لقيت الغول يهوي بشهب كالحصيفة صحصحان
فأضربها بلا دهش فخرت صريعاً لليدين والجران
قال: فأضربها بعد قوله: لقيت، تصويراً لتلك الحالة التي شجع فيها، ولا ارتياب أن قصة خالد رضي الله عنه بعد الفراغ من شأن الغامدية، إنما أتى به الراوي استحضاراً لما فعل خالد، وما قال صلى الله عليه وسلم من قوله:((مهلا)) ومعناه تريث وأنصت ومن تمثيل توبتها بتوبة العشار.
((مح)): قوله: ((فتنضح)) روى بالحاء المهملة وبالمعجمة، والأكثرون علي المهملة، ومعناه ترشش وانصب. ((مح)): النضح قريب من النصح، وقيل: بالمعجمة الأثر يبقى في الثوب والجسد، وبالمهملة الفعل نفسه. وقيل: هو بالمعجمة ما فعل تعمداً، وبالمهملة من غير تعمد. والمكس الضريبة التي يأخذها الماكس وهو العشار. ((مح)): فيه أن المكس من أعظم الذنوب والمعاصي الموبقات، وذلك لكثرة مطالبات الناس له ومظلماتهم عنده لتكرر ذلك منه، وأخذ أموال الناس بغير حقها وصرفها في غير وجهها.
قوله:((فصلي عليها)) ((مح)): قال القاضي عياض: هي بفتح اللام والصاد عند جماهير رواة صحيح مسلم وعند الطبري بضم الصاد، قال: وكذا هو رواية ابن أبي شيبة وأبي داود. واختلفوا في الصلاة علي المرجوم، وكرهها مالك وأحمد للإمام ولأهل الفضل دون باقي الناس، وقال الشافعي وآخرون: يصلي عليه الإمام وأهل الفضل وغيرهم. واتفقوا علي الصلاة علي الفساق والمقتولين في المحاربة والحدود وأولاد الزنا سوى قتادة، فإنه منع من أن يصلي علي أولاد الزنا. وفي الحديث دليل علي أن الحد يكفر ذنب المعصية التي حد لها. فإن قيل: ما بال ماعز والغامدية لم يقنعا بالتوبة، وهي محصلة غرضهما من سقوط الإثم، فأصر علي الإقرار فرجما؟ فالجواب أن تحصيل البراءة بالحد متيقن لاسيما بمشاهدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما التوبة فيخاف أن لا تكون نصوحاً، وأن يخل بشيء من شروطها.
وفيه احتجاج لأصحاب مالك وجمهور الحجازيين أنه يحد من وجه منه ريح الخمر. وإن لم تقم عليه بينة ولم يقر. ومذهب الشافعي وأبي حنيفة أنه لا يحد بمجرد الريح بل لابد من بينة أو إقرار. وفيه أنه لا ترجم الحبلي حتى تضع سواء كان حملها من زنا أو غيره، لئلا يقتل