للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٥٩١ - وعن ابن عمر، قال: قطع النبي صلى الله عليه وسلم يد سارق في مجن ثمنه ثلاثة دراهم. متفق عليه.

٣٥٩٢ - وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده)). متفق عليه.

ــ

باب قطع السرقة

المغرب: سرق منه مالا وسرقه سرقاً وسرقة إذا أخذه في خفاء وحيلة، وفتح الراء في السرق لغة، وأما السكون فلم نسمعه - انتهي كلامه. والإضافة إلي المفعول علي حذف المضاف أي قطع أهل السرقة.

الفصل الأول

الحديث الأول عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((إلا بربع دينار)) ((مح)): اتفقوا علي قطع يد السارق، واختلفوا في اشتراط النصاب وقدره. فقال الشافعي: النصاب ربع دينار ذهباً أو ما قيمته ربع دينار، وهو قول عائشة وعمر بن عبد العزيز والأوزاعي والليث وأبي ثور وإسحاق وغيرهم، وقال مالك وأحمد وإسحاق في رواية: يقطع في ربع دينار أو ثلاثة دراهم أو ما قيمة أحدهما. وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يقطع إلا في عشرة دراهم أو ما قيمته ذلك. والصحيح ما قاله الشافعي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين النصاب بلفظه في الحديث ((وأنه ربع دينار))، وأما رواية ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم ((قطع يد سارق في مجن قيمته ثلاثة دراهم)) فمحمولة علي أن هذا القدر ربع دينار فصاعداً، أو علي أنها قضية عين لا عموم لها. ولا يجوز ترك صريح اللفظ في تحديد النصاب للمحتمل، بل يجب حملها علي موافقة لفظه. وأما الرواية الأخرى ((لم تقطع يد سارق في أقل من ثمن المجن)) فمحمولة علي أنه كان ربع دينار. وأما ما يحتج به بعض الحنفية وغيرهم من رواية جاءت ((قطع في مجن قيمته عشرة دراهم)) وفي رواية ((خمسة)) فهي ضعيفة لا يعمل بها لو انفردت، فكيف وهي مخالفة لصريح الأحاديث الصحيحة الصريحة، مع أنه يمكن حملها علي أنه كانت قيمته عشرة دراهم اتفاقاً، لا أنه شرط ذلك في قطع السارق.

وأما رواية ((لعن الله السارق يسرق البيضة والحبل فتقطع يده)) فقال جماعة: المراد بهما بيضة الحديد وحبل السفينة، وكل واحد مهما يساوي أكثر من ربع دينار، وأنكره المحققون وقالوا: ليس هذا السياق موضع استعمالهما، بل البلاغة تأباه؛ لأنه لا يذم في العادة من خاطر بيده في شيء له قدر، وإنما يذم من خاطر فيما لا قدر له، فالمراد التنبيه علي عظم ما خسر يده في مقابلة حقير من المال، فربع دينار يشارك البيضة والحبل في الحقارة، والمراد جنس البيضة وجنس الحبال. وقيل: هو علي عادة الولاة سياسة لا قطعاً جائزاً شرعاً. وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا عند نزول آية السرقة مجملة من غير بيان نصاب، ثم بين ذلك النصاب. - والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>