للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٦٢١ - وعن أبي هريرة، قال: إن رسول الله أتى برجل قد شرب [الخمر]. فقال: ((اضربوه)) فمنا الضارب بيده، والضارب بثوبه. والضارب بنعله. ثم قال: ((بكتوه)) فأقبلوا عليه يقولون: ما اتقيت الله، ما خشيت الله، وما استحييت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعض القوم: أخزاك الله. قال: ((لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان، ولكن قولوا: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه)). رواه أبو داود. [٣٦٢١]

٣٦٢٢ - وعن ابن عباس، قال: شرب رجل، فسكر، فلقي يميل في الفخ،

ــ

وأصلها فيما قيل من تيخ الله رقبته بالسهم إذا ضربه. وقيل: من تيخه العذاب وطيخه إذا ألح عليه، فأبدلت التاء من الطاء، ومنه الحديث: أنه خرج وفي يده ميتخة في طرفها خوص معتمدا علي ثابت بن قيس. قوله: ((تراباً من الأرض)) رمى به إرغاماً له واستهجاناً لما ارتكبه؛ فإنه أزال أشرف الأشياء ومقر تكاليف الله ومعرفته بأخس الأشياء وأخبثها.

الحديث الثالث عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((بكتوه)) ((فا)): التبكيت استقباله بما يكره من ذم وتقريع، وأن يقال له: يا فاسق! ما اتقيت الله، ما خشيت الله.

أقول: المناسب في هذا المقام أن يفسر التبكيت بما فسره به الزمخشري في أساس البلاغة، قال: يقال: بكته بالحجة وبكته عليه يقال بكته حتى أسكته، وبكته قرعه علي الأمر وألزمه بما عيي بالجواب عنه، وبكته بالعصا ضربه. فقوله صلى الله عليه وسلم: ((ما اتقيت الله، ما خشيت الله، وما استحييت من رسول الله صلى الله عليه وسلم)) كل ذلك إلزام له وإسكات بما يعيي عن الجواب؛ إذ ليس له أن يقول: ما أتقيه ولا أستحيي منه. ومعنى ((استغفر الله)) مطابق لهذا التفسير؛ لأن الاستغفار إنما يصدر عمن يتقي الله ويخشاه، فحينئذ لا يستقيم أن يقال له: يا فاسق ولا أخزاك الله.

قوله: ((لا تعينوا عليه الشيطان)) ((قض)): أي بنحو هذا الدعاء؛ فإنه تعالي إذا أخزاه استحوذ عليه الشيطان؛ أو لأنه إذا سمع منكم ذلك أيس من رحمة الله وانهمك في المعاصي، أو حمله اللجاج والغضب علي الإصرار، فيصير الدعاء وصلة ومعونة في إغوائه وتسويله.

الحديث الرابع عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((يميل في الفخ)) ((تو)): الفج الطريق الواسع بين الجبلين، وأرى أن ذلك بمكة؛ لأن دار العباس بها واقعة في أحد شعابها؛ إذ ليست الدار التي تنسب إلي العباس بالمدينة في فج من الفجاج ولا مقاربة منه. أقول: يمكن أن يستعار للزقاق الواسع الفج فيكون بالمدينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>