الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم)) قال: قلنا: يا رسول الله! أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال:((لا. ما أقاموا فيكم الصلاة، لا، ما أقاموا فيكم الصلاة. ألا من ولي عليه وال، فرآه يأتي شيئاً من معصية الله؛ فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يداً من طاعة)) رواه مسلم.
٣٦٧١ - وعن أم سلمة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يكون عليكم أمراء، تعرفون وتنكرون، فمن أنكر فقد برئ. ومن كره فقد سلم، ولكن من رضي وتابع)). قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال:((لا؛ ما صلوا، لا؛ ما صلوا)) أي: من كره بقلبه وأنكر بقلبه. رواه مسلم.
ــ
أي يصلون عليكم إذا متم وتصلون عليهم إذا ماتوا عن الطوع والرغبة. أقول: ولعل هذا الوجه أولي أي تحبونهم ويحبونكم ما دمتم في قيد الحياة، فإذا جاء الموت يترحم بعضكم علي بعض ويذكر صاحبه بخير.
قوله:((ما أقاموا فيكم الصلاة)) فيه إشعار بتعظيم أمر الصلاة وأن تركها موجب لنزع اليد من الطاعة، كالكفر علي ما سبق في حديث عبادة بن الصامت في قوله:((إلا أن تروا كفراً بواحاً)) الحديث، ولذلك كرره.
الحديث الحادي عشر عن أم سلمة: قوله: ((تعرفون وتنكرون)) ((قض)): تعرفون وتنكرون صفتان ((لأمراء)) والراجع فيهما محذوف، أي تعرفون بعض أفعالهم وتنكرون بعضها. يريد أن أفعالهم تكون بعضها حسناً وبعضها قبيحاً، فمن قدر أن ينكر عليهم قبائح أفعالهم وسماجة حالهم وأنكر، فقد برئ من المداهنة والنفاق، ومن لم يقدر علي ذلك ولكن أنكر بقلبه وكره ذلك، فقد سلم من مشاركتهم في الوزر والوبال، ولكن من رضي بفعلهم بالقلب وتابعهم في العمل فهو الذي شاركهم في العصيان، واندرج معهم تحت اسم الطغيان. وحذف الخبر في قوله ((من رضي)) لدلالة الحال، وسياق الكلام علي أن حكم هذا القسم ضد ما أثبته لقسيميه، وإنما منع عن مقاتلتهم ما داموا يقيمون الصلاة التي هي عماد الدين وعنوان الإسلام، والفارق بين الكفر والإيمان حذراً من هيج الفتن واختلاف الكلمة، وغير ذلك مما يكون أشد نكاية من احتمال نكرهم، والمصابرة علي ما ينكرون منهم.
قوله:((من كره بقلبه وأنكر بقلبه)) ((مظ)): هذا التفسير غير مستقيم؛ لأن الإنكار يكون باللسان، والكراهة بالقلب ولو كان كلاهما بالقلب لكانا منكرين؛ لأنه لا فرق بينهما بالنسبة إلي القلب. وقد جاء هذا الحديث في رواية أخرى، وفي تلك الرواية:((من أنكر بلسانه فقد برئ، ومن أنكر بقلبه فقد سلم)).