للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣٦٧٢ - وعن عبد الله بن مسعود، قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنكم سترون بعدي أثرة، وأموراً تنكرونها)) قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: ((أدوا إليهم حقهم، وسلوا الله حقكم)) متفق عليه.

٣٦٧٣ - وعن وائل بن حجر، قال: سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله! أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم، ويمنعونا حقنا، فما

ــ

أقول: وهذا التعليل غير مستقيم، وأول شي يدفعه ما في الحديث من قوله: ((تنكرون)) لأن هذا الإنكار ليس إلا بالقلب لوقوعه قسيما لـ ((تعرفون) ومعناه علي ما قال الشيخ التوربشتي والقاضي: أي ترون منهم من حسن السيرة ما تعرفون، وترون من سوء السريرة ما تنكرون أي تجهلونه؛ فإن المعروف ما يعرف بالشرع حسنه، والمنكر عكسه؛ ولأن قوله: ((فمن أنكر فقد برئ ومن كره فقد سلم)) تفصيل لـ ((تنكرون)) بشهادة الفاء في ((فمن أنكر)) ولن يكون المفصل مخالفاً للمجمل، ومعناه فمن أنكر ما لا يعرف حسنه في الشرع فقد برئ من النفاق، ومن لم ينكره حق الإنكار بل كرهه بقلبه فقد سلم، ولا بد لمن أنكره بقلبه حق الإنكار، أن يظهره بالمكافحة بلسانه بل يجاهده بيده وجميع جوارحه. وإذا قيد الإنكار بقلبه أفاد هذا المعنى، وإذا خص بلسانه لم يفده، ويدل علي أن الإنكار إذا لم يكن كما ينبغي سمي بالكراهة.

قول الشيخ التوربشتي: ومن كره ذلك بقلبه ومنعه الضعف عن إظهار ما يضمر من النكر فقد سلم. وحاشى لمكانة إمام أئمة الدنيا – أعني مسلما – أن يخرج من فيه كلام غير مستقيم لاسيما في تفسير الكلام النبوي، والرواية التي استدل بها المظهر في شرح السنة كذا، ويروي ((فمن أنكر بلسانه فقد برئ ومن كره بقلبه فقد سلم)) ولفظة ((يروى)) ونحوها إنما يستعمله أهل الحديث فيما ليس بقوي.

((مح)): في هذا الحديث معجزة ظاهرة لما أخبر به عن المستقبل، وقد وقع كما أخبر صلى الله عليه وسلم، وفيه أن من عجز عن إزالة المنكر وسكت لا يأثم إذا لم يرض به. وقوله: ((ومن كره فقد سلم)) هذا في حق من لا يستطيع إنكاره بيده ولسانه، فليكرهه بقلبه ويسلم. والله أعلم.

الحديث الثاني عشر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: قوله: ((أثرة)) أي سترون ما يستأثر به من أمور الدنيا فيفضل غيركم عليكم بلا استحقاق في الفيء. والمراد بالأمور أشياء أخر لا تستحسنونها. وسلوا الله حقكم أي لا تكافئوا استئثارهم باستئثاركم، ولا تقاتلوهم لاستيفاء حقكم، بل وفروا إليهم حقهم من السمع والطاعة وحقوق الدين. واسألوا الله من فضله أن يوصل إليكم حقكم من الغنيمة والفيء ونحوهما، وكلوا إليه أمركم.

<<  <  ج: ص:  >  >>