٣٦٧٦ - وعن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا بويع لخليفتين؛ فاقتلوا الآخر منهما)). رواه مسلم.
٣٦٧٧ - وعن عرفجة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنه سيكون هنات وهنات، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع؛ فاضربوه بالسيف كائناً من كان)) رواه مسلم.
ــ
الحكم هذا عند تجدد كل زمان وتجدد بيعة. وقوله:((أعطوهم حقهم)) كالبدل من قوله: ((فوا بيعة الأول)). وقوله:((فإن الله سائلهم)) تعليل للأمر بإعطاء حقهم. وفيه اختصار أي فأعطوهم حقهم وإن لم يعطوكم حقكم؛ فإن الله سائلهم عما استرعاهم ويثيبكم بما لكم عليهم من الحق؛ لقوله في الحديث السابق:((أدوا إليهم حقهم واسألوا الله حقكم)). وقوله:((عما استرعاهم)) استرعيته الشيء فرعاه، وفي المثل: من استرعى الذئب فقد ظلم، والراعي الوالي، والرعية العامة.
الحديث السادس عشر عن أبي سعيد: قوله: ((فاقتلوا الآخر)) ((قض)): قيل: أراد بالقتل المقاتلة؛ لأنها تؤدي إليه من حيث أنه غايتها. وقيل: أراد إبطال بيعته وتوهين أمره من قولهم: قتلت الشراب إذا مزجته وكسرت ثورته بالماء.
ومنه قول حسبان رضي الله عنه:
إن التي ناولتني فرددتها قتلت قلت فهاتها لم تقتل
أقول: الأول من الوجهين يستدعي الثاني؛ لأن الآخر منهما خارج علي الأول باغ عليه فتجب المقاتلة معه حتى يفيء إلي أمر الله وإلا قتل، فهو مجاز باعتبار ما يؤول للحث علي دفعة وإبطال بيعته وتوهين أمره. ((مح)): قاتل أهل البغي غير ناقض عهده لهم إن عهد؛ لأنهم حاربوا من يلزم الإمام محاربته.
واتفقوا علي أنه لا يجوز أن تعقد الإمامة لخليفتين في عصر واحد، سواء اتسعت دار الإسلام أم لا. قال إمام الحرمين في كتاب الإرشاد: قال أصحابنا: لا يجوز عقدها لشخصين، قال: وعندي أنه لا يجوز عقدها للاثنين في صقع واحد، وإن بعد ما بينهما وتخللت بينهما شسوع فللاحتمال فيه مجال، وهو خارج من القواطع، وحكي المازري هذا. قال الشيخ محيي الدين: هو قول غير سديد مخالف لما عليه السلف والخلف، والظاهر إطلاق الحديث.
الحديث السابع عشر والثامن عشر عن عرفجة: قوله: ((هنات وهنات)) ((نه)): أي شرور وفساد، يقال: في فلان هنات أي خصال شر، ولا يقال في الخير، وواحدها هنة، وقد يجمع علي هنوات، وقيل: واحدها هت تإنيث هن، وهو كناية عن كل اسم جنس لا تريد أن تصرح به لشناعته.