للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣٦٨٣ - وعن أبي موسى، قال: دخلت علي النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من بني عمي. فقال أحدهما: يا رسول الله! أمرنا علي بعض ما ولاك الله. وقال الآخر مثل ذلك. فقال: ((إنا والله لا نولي علي هذا العمل أحداً سأله، ولا أحد حرص عليه)). وفي رواية قال: ((لا نستعمل علي عملنا من أراده)) متفق عليه.

٣٦٨٤ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تجدون من خير الناس أشدهم كراهية لهذا الأمر حتى يقع فيه)). متفق عليه.

٣٦٨٥ - وعن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام الذي علي الناس راع وهو مسئول عن رعيته،

ــ

المقسطين علي منابر من نور)) وغير ذلك، ولكثرة الخطر فيها حذر صلوات الله عليه منها؛ ولذلك امتنع العلماء منها خلائق من السلف، وصبروا علي الأذى حين امتنعوا.

الحديث الثالث والعشرون والرابع والعشرون عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((من خير الناس)) ثإني مفعولي ((تجدون)) والأول قوله ((أشدهم)) ولما قدم المفعول الثاني أضمر في الأول الراجع إليه، كقولك: علي التمرة مثلها زبداً، ويجوز أن يكون المفعول الأول ((خير الناس)) علي مذهب من يجتز زيادة ((من)) في الإثبات.

قوله: ((حتى يقع فيه)) يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون غاية ((تجدون)) أي تجدون خير الناس أشد كراهة حتى يقع فيه، فحينئذ لا يكون خيرهم. وثإنيهما: أنه غاية ((أشد)) أي يكرهه حتى يقع فيه، فحينئذ يعينه الله تعالي فلا يكرهه، والأول أوجه لقوله: ((يقع فيه)).

الحديث الخامس والعشرون عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه: قوله: ((ألا كلكم راع)) ((حس)): معنى الراعي هنا الحافظ المؤتمن علي ما يليه، أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالنصيحة فيما يلونه، وحذرهم الخيانة فيه بإخباره أنهم مسئولون عنه، فالرعاية حفظ الشيء وحسن التعهد فقد استوى هؤلاء في الاسم، ولكن معإنيهم مختلفة، وأما رعاية الإمام ولاية أمور الرعية، فالحياطة من ورائهم وإقامة الحدود والأحكام فيهم، ورعاية الرجل أهله، فالقيام عليه بالحق في النفقة وحسن العشرة، ورعاية المرأة في بيت زوجها، فحسن التدبير في أمر بيته والتعهد لخدمته وأضيافه، ورعاية الخادم، حفظ ما في يده في مال سيده والقيام بشغله.

أقول: قوله: ((ألا كلكم)) تشبيه مضمر الأداة أي كلكم مثل الراعي، وقوله: ((وكلكم مسئول عن رعيته)) حال عمل فيه معنى التشبيه. وهذا مطرد في التفضيل، ووجه التشبيه حفظ الشيء وحسن التعهد لما استحفظ، وهو القدر المشترك في التفضيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>