٣٦٩٣ - وعن أبي بكرة، قال: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى. قال:((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) رواه البخاري.
الفصل الثاني
٣٦٩٤ - عن الحارث الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((آمركم بخمس: بالجماعة، والسمع، والطاعة، والهجرة، والجهاد في سبيل الله. وإنه من خرج من الجماعة قيد شبر؛ فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، إلا أن يراجع. ومن دعا بدعوى الجاهلية؛ فهو من جثي جهنم، وإن صام وصلي وزعم أنه مسلم)) رواه أحمد والترمذي. [٣٦٩٤]
ــ
الحديث الثالث والثلاثون عن أبي بكرة: قوله: ((ولو أمرهم امرأة)) ((حس)): لا تصلح المرأة أن تكون إماماً ولا قاضياً؛ لأن الإمام والقاضي محتاجان إلي الخروج للقيام بأمر المسلمين، والمرأة عورة لا تصلح لذلك؛ ولأن المرأة ناقصة والقضاء من كمال الولايات فلا يصلح لها إلا الكامل من الرجال. أقول:((لن يفلح قوم)) إخبار بنفي الفلاح في المستقبل عن أهل فارس علي سبيل التأكيد، وفيه إشعار بأن الفلاح للعرب، وأن الله تعالي سيجعل ملكهم مسخراً لهم فيكون معجزة.
الفصل الثاني
الحديث الأول عن الحارث: قوله: ((بالجماعة)) المراد بهم الصحابة ومن بعدهم من التابعين وتابعي التابعين من سلف الصحابة، أي آمركم بالتمسك بهديهم والانخراط في زمرتهم، والمراد بالسمع الإصغاء إلي الأوامر والنواهي وتفهمهما، وبالطاعة الامتثال بالأوامر والانزجار عن النواهي، وبالهجرة الانتقال من دار الكفر إلي دار الإسلام. ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم أراد بها ترك المعاصي، والرجوع عنها إلي الطاعات، كما قال صلى الله عليه وسلم:((والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب)) والمراد بالجهاد الجهاد مع الكفار، ويحتمل أن يراد به الجهاد مع النفس بكفها عن شهواتها ومنعها عن لذاتها؛ فإن معاداة النفس مع الشخص أقوى وأضر من معاداة الكفرة معه. وقوله:((وإنه من خرج)) اسم ((إن)) ضمير الشأن، والجملة بعده تفسره كالتعليل للأمر بالتمسك بهدي الجماعة، والواو مثلها في قوله تعالي:{وقَالا الحَمْدُ لِلَّهِ} بعد قوله: {ولَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وسُلَيْمَانَ عِلْمًا} في الإخبار عن الجملتين وتفويض الترتيب بينهما إلي ذهن السامع.