للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣٦٩١ - وعن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما بعث الله من نبي، ولا استخلف من خليفة، إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، والمعصوم من عصمه الله)) رواه البخاري.

٣٦٩٢ - وعن أنس، قال: كان قيس بن سعد من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة صاحب الشرط من الأمير. رواه البخاري.

ــ

فإن قلت: إذا بين ((المقسطين)) بالذين جمعوا بين هذه الخصال فكيف حال من انفرد بخصلة من هذه الخصال، هل يترتب عليه تلك المراتب العلية والمنازل السنية؟ قلت: إذا سلك بالتعريف في ((الذين يعدلون)) الجنس من حيث هي هي، لا. وإذا سلك به الاستغراق كما ذهبنا إليه، نعم. ونحوه قولك: الرجل خير من المرأة، إذا أريد بالتعريف الحقيقة من حيث هي هي، فلا تدخل أفراد الجنس في هذا الحكم، وإن أريد به الاستغراق لزم أن يكون أدنى رجل خيراً من أشرف النساء. والله أعلم.

الحديث الحادي والثلاثون عن أبي سعيد رضي الله عنه: قوله: ((بطانة)) ((نه)): بطانة الرجل صاحب سره وداخلة أمره الذي يشاوره في أحواله. الكشاف في قوله تعالي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً}: بطانة الرجل ووليجته خصيصه وصفيه الذي يفضى إليه بحوائجه ثقة به، شبه ببطانة الثوب كما يقال: فلان شعاري.

فإن قلت: البطانة في الحديث علي هذا المعنى قد تتصور في بعض الخلفاء ولكنها منافية لحال الأنبياء، وكيف لا؟ وقد نهي الله تعالي عامة المؤمنين عن ذلك في الآية السابقة. قلت: الوجه ما روى الأشرف عن بعضهم أن المراد بأحدهما الملك، وبالثاني الشيطان، ويؤيده قوله: ((والمعصوم من عصمه الله)) فإنه بمنزلة قوله صلى الله عليه وسلم: ((فأسلم)) في قوله: ((ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة، قالوا: وإياك يا رسول الله! قال: وإياي، إلا أن الله تعالي أعانني، فأسلم فلا يأمرني إلا بخير)).

الحديث الثاني والثلاثون عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((بمنزلة صاحب الشرط)) ((تو)): هو جمع شرطة وشرطي، وهو الذي يتقدم بين يدي الأمير لتنفيذ أوامره، وهو الحاكم علي الشرط للأمور السياسية سموا بذلك؛ لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها، وكان قيس بن سعيد ابن عبادة الأنصاري سيد الخزرج وابن سيدها، أحد دهاة العرب وأهل الرأي ورئاسة الجيوش، وكان من ذوي النجدة والبسالة والكرم والسخاء، وكان مع ذلك جسيماً طويلا، وكان منتصباً بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لتنفيذ ما يأمر به وما يريده.

<<  <  ج: ص:  >  >>