٣٦٩٨ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ويل للأمراء، ويل للعرفاء، ويل للأمناء، ليتمنين أقوام يوم القيامة أن نواصيهم معلقة بالثريا، يتجلجلون بين السماء والأرض، وأنهم لم يلوا عملاً)) رواه في ((شرح السنة)) ورواه أحمد، في روايته:((أن ذوائبهم كانت معلقة بالثريا، يتذبذبون بين السماء والأرض، ولم يكونوا عملوا علي شيء)). [٣٦٩٨]
ــ
علي ((يفك)) فيكون غاية قوله: ((يؤتى به يوم القيامة مغلولاً)) أي لم يزل مغلولا حتى يحله العدل أو يهلكه الظلم، أي لا يفك عن الغل إلا الهلاك، يعني يرى بعد الغل ما الغل في جنبه السلامة، كما قال تعالي:{وإنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إلي يَوْمِ الدِّينِ} يعني ترى يوم الدين من العذاب ما اللعنة بالنسبة إليه سهلة يسيرة.
الحديث الخامس عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((ويل للأمراء)) مبتدأ وخبر، كقوله:((سلام عليك)) وهو الحزن والهلاك والمشقة من العذاب. ((قض)): العرفاء جمع عريف وهو القيم بأمر قبيلة أو محلة يلي أمرهم، ويتعرف منه الأمير أحوالهم، من عرف يعرف عرافة، مثل كتب يكتب كتابة إذا عمل ذلك، وعرف بالضم عرافة بالفتح إذا صار عريفاً، والمراد بالأمناء من ائتمنه الإمام علي الصدقات والخراج وسائر أموال المسلمين، ويدل عليه عطفه علي ((الأمراء والعرفاء)) وقوله: ((وأنهم لم يلوا عملاً))، أو كل من ائتمنه غيره علي مال أو غيره.
أقول: قوله: ((ليتمنين أقوام)) كالتخصيص للعام والتقييد للمطلق؛ فإنه صلى الله عليه وسلم لما عمم التهديد وبالغ في الوعيد، أراد أن يستدرك ويخرج من قام بها حق القيام، وتجنب فيها عن الظلم والحيف، واستحق به الثواب وصار ذا حظ مما وعد به ذو سلطان عادل. قال:((ليتمنين أقوام)) إلي آخره، أي ليتمنين طائفة من هؤلاء وذلك لينبه بالمفهوم علي أن طائفة أخرى حكمهم علي عكس ذلك، وهم علي منابر من نور عن يمين الرحمن، إنما لم يعكس ولم يصرح بمنطوق المدح للمقسطين، ليدل بالمفهوم علي ذم الجائرين؛ لأن المقام مقام التهديد والزجر عن طلب الرياسة؛ لأنها وإن كانت مهمة لا ينظم صلاح حال الناس ومعاشهم دونها، لكن أمرها خطير والقيام