٣٧٢٥ - وعن ابن عمر, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة, فيقال: هذه غدرة فلان بن فلان)) متفق عليه.
٣٧٢٦ - وعن أنس, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به)) متفق عليه.
٣٧٢٧ - وعن أبي سعيد, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لكل غادر لواء عند استه يوم القيامة)). وفي رواية: ((لكل غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدره, ألا ولا غادر أعظم غدرا من أمير عامة)) رواه مسلم.
ــ
في مسائل وآخر في مسائل أخرى واستوي المجتهدان عنده خيرناه. فالذي يقتضيه فعل الأولين الجواز, وكما أن الأعمى إذا قلنا: لا يجتهد في الأوإني والثياب, له أن يقلد في الثياب واحدا وفي الأوإني آخر.
لكن الأصوليون منعوا منه للمصلحة, وحكى الحناطي وغيره عن أبي إسحاق فيما إذا اختار من كل مذهب ما هو أهون عليه أنه يفسق به, وعن أبي هريرة أنه لا يفسق, ويعض هذا الترجيح قول الإمام مالك رضي الله عنه حين أراد الرشيد الشخوص من المدينة إلي العراق, قال له: ينبغي أن تخرج معي؛ فإني عزمت أن أحمل الناس علي الموطأ كما حمل عثمان الناس علي القرآن، فقال: إما حمل الناس علي الموطأ فليس إلي ذلك سبيل؛ لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم افترقوا بعده في الأمصار فحدثوا, فعند كل أهل مصر علم, وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((اختلاف أمتي رحمة)).
الحديث الرابع إلي آخر الفصل عن أبي سعيد رضي الله عنه: قوله: ((هذه غدرة فلان)) أي هذه علامة غدرة فلان فيشتهر بين الناس ويفتضح علي رءوس الأشهاد, وينصره قوله: ((يرفع له بقدر غدرة)) قوله: ((لكل غادر لواء)) ((قض)): الغدر في الأصل ترك الوفاء وهو شائع في أن يغتال الرجل من في عهده وأمنه, والمعنى أن الغادر ينصب وراءه لواء غدره يوم القيامة تشهيرا بالغدر وإخزاء وتفضيحا علي رءوس الأشهاد.
وإنما قال: ((عند استه)) استخفافا بذكره واستهانة لأمره, أو لأنه لما كان أمارة الوفاء وحسن العهد رواء الوجه وبهاؤه, ناسب أن تكون علامة الغدر ولواءه فيما هو كالمقابل له وعنده. يريد ب ((أمير العامة)) من قدمه العوام وسفلات الناس, ولم يكن له استحقاق ولا لأهل الحل والعقد, من خواص الناس عليه اتفاق, وإنما عظم غدره وفضله علي سائر أنواع الغدر؛ لأن نقض عهد