الفصل الثالث
٣٧٢٩ - عن أبي الشماخ الأزدي, عن ابن عم له من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم, أنه أتى معاوية, فدخل عليه, فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من ولي من أمر الناس شيئا, ثم أغلق بابه دون المسلمين, أو المظلوم, أو ذي الحاجة؛ أغلق الله دونه أبواب رحمته عند حاجته وفقره أفقر ما يكون إليه)). [٣٧٢٩]
٣٧٣٠ - وعن عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] , أنه كان إذا بعث عماله شرط عليهم: أن لا تركبوا برذونا, ولا تأكلوا نقيا, ولا تلبسوا رقيقا, ولا تغلقوا أبوابكم دون حوائج الناس, فإن فعلتم شيئا من ذلك؛ فقد حلت بكم العقوبة, ثم يشيعهم. رواهما البيهقي في ((شعب الإيمان)). [٣٧٣٠]
ــ
أقول: ولعل هذا الوجه أعنى التقييد بيوم القيامة أرجح؛ لأن الترقي في قوله: ((حاجته وخلته وفقره)) في شأن الملوك والسلاطين يؤدون بسد باب فوزهم بمطالبهم ونجاح حوائجهم بالكلية, وليس ذلك إلا في العقبى , ونحوه قوله تعالي: {كَلَاّ إنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} تغليظا عليهم وتشديدا, ولما كان جزاء المقسطين يوم القيامة أن يكونوا علي منابر من نور علي يمين الرحمن كان جزاء القاسطين البعد, والاحتجاب عنهم والإقناط عن مباغيهم, ويؤيده قوله في الحديث الذي يليه: ((أفقر ما يكون)).
الفصل الثالث
الحديث الأول عن أبي الشماخ: قوله: ((من أمر الناس)) التعريف فيه لاستغراق الجنس, فيدخل فيه المسلم والذمي والمعاهد. وقوله: ((دون المسلمين أو المظلوم أو ذي الحاجة)) تفصيل لهم، فيفهم أن المسلم لا يمنع مطلقا, سواء كان مظلوما أو ذا حاجة, وغيرهم لا يدخل إلا للتظلم أو لحاجة ماسة. وقوله: ((أفقر ما يكون)) قد مر أن ((ما)) مصدرية والوقت مقدر, و ((أفقر)) حال في المضاف إليه في ((فقرة)) وجاز لأنه أضاف المصدر إلي الفاعل, وليس هذا الافتقار الكلي في وقت من الأوقات إلا وقت القيامة كما سبق في الحديث السابق.
الحديث الثاني عن عمر رضي الله عنه: قوله: ((برذونا)) المغرب: البرذون التركي من الخيل والجمع البراذين, وخلافها العراب والأنثى برذونة. أقول: إذا جعل علة النهي عن ركوب البراذين الخيلاء والتكبر كان النهي عن ركوب العراب أحرى وأولي.