للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفصل الثاني

٣٧٣٣ - عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من جعل قاضيا بين الناس؛ فقد ذبح بغير سكين)) رواه أحمد, والترمذي, وأبو داود, وابن ماجه. [٣٧٣٣]

ــ

الاجتهاد, ومن ذهب إلي الأول قال: قد جعل للمخطئ أجرا, فلولا إصابته لم يكن له اجر, وقال أيضا: ومن ليس بأهل حكم فلا يحل له الحكم ولا ينفذ, سواء وافق الحق أم لا؛ لأن إصابته اتفاقية فهو عاص في جميع أحكامه.

أقول: ومن ذهب إلي الأول لم يقل: إن كلا منهما مصيب من كل الوجوه, بل إن احدهما مصيب من وجه كونه آتيا بالعبادة, كما قال الخطابي, ومخطئ من وجه كونه لم يوافق الحكم الذي عند الله تعالي, ويؤيده حكاية ابن الأثير في الكامل في حكم داود وسليمان عليهما السلام في الحرث الذي نفشت فيه الغنم عن بعض العلماء, في الآية دليل علي أن كل مجتهد في الأحكام الفرعية مصيب؛ فإن داود أخطأ الحكم الذي عند الله تعالي، وأصابه سليمان فقال تعالي: {وكُلاًّ آتَيْنَا حُكْمًا وعِلْمًا} يريد أن هذه الخاتمة كالتكميل لما سبق من توهم النقص في شأن نبي الله داود عليه السلام جيء بها جبرانا له بذلك.

الفصل الثاني

الحديث الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((فقد ذبح بغير سكين)) يحتمل وجوها:

الأول: ((قض)): يريد به القتل بغيره كالخنق والتفريق والإحراق والحبس عن الطعام والشراب؛ فإنه أصعب وأشد من القتل بالسكين؛ لما فيه من مزيد التعذيب وامتداد مدته.

الثاني: أن الذبح إنما يكون في العرف بالسكين, فعدل به إلي غيره ليعلم أن الذي أراد به ما يخاف عليه من هلاك دينه دون هلاك بدنه.

قال صاحب الجامع: وهو قريب من قوله:

تحية بينهم ضرب وجيع

جعل جنس الذبح نوعين: المتعارف وهو إزهاق الروح بآلة مخصوصة, وغير المتعارف وهو ما يخاف عليه من هلاك دينه. ((تو)): وشتان بين الذبحين؛ فإن الذبح بالسكين عناء ساعة, والآخر عناء عمر بله ما يعقبه من الندامة يوم القيامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>