والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلي الجنة، وفوقه عرش الرحن، ومنه تفجر أنهار الجنة)). رواه البخاري.
٣٧٨٨ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل المجاهد في سبيل الله، كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله، لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع المجاهد في سبيل الله)) متفق عليه.
ــ
ورأي صلى الله عليه وسلم استبشار الراوي بما سمعه لسقوط مشاق الجهاد عنهم وعدم امتيازه في نيل الجنة، استدرك النبي صلى الله عليه وسلم قوله الأول بقوله الثاني.
أقول: الجواب من الأسلوب الحكيم، أي بشرهم بدخول الجنة بالإيمان والصوم والصلاة وإيجابها لهم بحسب الأجر علي سبيل الوعد، ولم يكتف بذلك بل زاد علي تلك البشارة البشارة الأخرى، وهو الفوز بدرجات الشهداء فضلا من الله تعالي وزيادة علي ذلك، ولم يقنع بهذا أيضا فبشرهم بالفردوس الذي هو أعلاها وأوسطها. وفيه الحث علي ما يحصل به أقصى درجات الجنان وهي الفردوس الأعلي، من المجاهدة مع العدو والنفس والشيطان. وإليه الإشارة بقوله تعالي:{وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ}.
فإن قلت: كيف التوفيق بين هذا الحديث وبين ما ورد في صفة أهل الجنة: ((مائة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، والفردوس أعلاها)). قلت: هو مطلق محمول علي هذا المقيد أو تفسير للمجاهدين بالعموم، والدرجات بحسب مراتبهم في الجهاد، فيكون الفردوس لمن جاهد حق جهاده. ((مح)): قال القاضي عياض: يحتمل أن تجري الدرجات علي ظاهره محسوسا كما جاء في أهل الغرف، أنهم يتراؤن كالكوكب الدري، وأن تجري علي المعنى. والمراد كثرة النعيم وعظم الإحسان مما لم يخطر علي قلب بشر.
قوله:((أوسط الجنة)) النكتة في الجمع بين الأعلي والأوسط، أنه أراد بأحدهما الحسي وبالآخر المعنوي؛ فإن أوسط الشيء أفضله وخياره، وإنما كان كذلك؛ لأن الأطراف يتسارع إليها الخلل والأعواز، والأوساط محمية محفوظة. قال الطائي:
كانت هي الوسط المحمي فاكتنفت بها الحوادث حتى أصبحت طرفت
الحديث الثاني عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((القانت بآيات الله)) ((نه)) القنوت في الحديث يرد بمعان متعددة: كالطاعة والخشوع والصلاة والصوم والدعاء، والعبادة والقيام وطول القيام والسكوت. أقول: يحتمل أن يراد بالقانت ها هنا القائم، فيكو نتعلق الباء به