٣٨٠٥ - وعن أبي قتادة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فيهم، فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله، والإيمان بالله أفضل الأعمال، فقام رجل فقال: يا رسول الله! أرأيت إن قتلت في سبيل الله، يكفر عني خطاياي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:((نعم، إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر)). ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((كيف قلت؟)) فقال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله، أيكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله:((نعم؛ وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر، إلا الدين فإن جبريل قال لي ذلك)) رواه مسلم
ــ
الحسان المرفهة وتعديبها في الصور الفبيحة المسخرة، وزعموا أن هذا هو الثواب والعقاب وهذا باطل مردود لإبطال ما جاءت به الشرائع من إثبات الحشب والنشر والجنة والنار؛ ولهذا قال في حديث آخر:((حتى يرجعه الله إلي جسده يوم يبعث الأجسام))، وفيه بيان أن الجنة مخلوقة موجودة، وهو مذهب أهل السنة وهي التي أهبط منها آدم، وينعم فيها المؤمنون في الآخرة.
وفيه أن مجازاة الأموات بالثواب والعقاب قبل يوم القيامة، وأن الأرواح باقية لا تفنى فيتنعم المحسن ويعذب المسيء، وهو مذهب أهل السنة وبه نطق التنزيل والآثار، خلافا لطائقة من المبتدعة. قال الله تعالي:{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًا وعَشِيًا ويَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذَابِ}.
قوله:((من أن يسألوا)) ((من)) زائدة لوقوعها في سياق النفي، و ((أن يسألوا)) بدل من ((ما)) أقيم مقام الفاعل في ((يتركوا)) يعني لن يترك سؤالهم.
الحديث التاسع عشر عن أبي قتادة: قوله: ((مقبل غير مدبر)) ((مح)): ((غير مدبر)) احتراز ممن يقبل في وقت ويدبر في وقت. و ((المحتسب)) هو المخلص لله تعالي وإن قاتل عصبية أو لأخد غنيمة ونحو ذلك فليس له الثواب، أقول: ويجوز أن يكون ((غير مدبر)) تأكيدا علي منوال قولهم: أمس الدابر لا يعود؛ لأن الكر والفر في المبارزة محمود. وقوله:((إلا الدين)) استثناء منقطع، ويجوز أن يكون متصلا، أي الدين الذي لا ينوي أداؤه.
((تو)): أراد بـ ((الدين)) هنا ما يتعلق بذمته من حقوق المسلمين؛ إذ ليس الدائن أحق بالوعيد والمطالبة منه من الجإني والقاصب والخائن والسارق – انتهي كلامه. فإن قلت: كيف قال صلى الله عليه وسلم: ((كيف قلت؟)) وقد أحاط بسؤاله علما وأجاب بذلك الجواب؟. قلت: ليسأل ثإنيا ويجيبه بذلك الجواب ويعلق به إلا الدين استدراكا بعد إعلام جبريل عليه السلام إياه صلى الله عليه وسلم.