والأرض)). قال عمير بن الحمام: بخ بخ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما يحملك علي قولك: بخ بخ؟)) قال: لا والله يا رسول الله! إلا رجاء أن أكون من أهلها. قال:((فإنك من أهلها)) قال: فأخرج تمرات من قرنه، فجعل يأكل منهن. ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي إنها لحياة طويلة قال: فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل، رواه مسلم.
ــ
ويؤنث، وهو اسم ماء. وقال الشعبي: بئر بدر كانت لرجل يدعى بدرا، ومنه يوم بدر. قتل عمير هذا أول من قتل من الأنصار في الإسلام. قوله:((قوموا إلي جنة)) عداه بـ ((إلي)) لإرادة معنى المسارعة كما في قوله تعالي: {وسَارِعُوا إلي مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ} ووصف الجنة بالعرض مبالغة عرفا. وتخصيص العرض بها دون الطول دلالة علي أن العرض إذا كان كذلك فما بال الطول؟.
((تو)) ((بخ)) كلمة تقال عند المدح والرضي بالشيء، وكررت للمبالغة. وسبق إلي فهم الرجل من قوله صلى الله عليه وسلم:((ما يحملك علي قولك: بخ بخ؟)) أنه يوهم أن قوله ذلك صدر عنه من غير رؤية ونية، شبيها بقول: من سلك مسلك الهزل والمزاح، فنفي ذلك عن نفسه بقوله:((لا والله) أي ليس الأمر علي ما توهمت. وقوله:((إلا رجاء)) أي ما قلت ذلك إلا رجاء.
أقول قوله: شبيها بقول من سلك مسلك المزاح. وقوله:((ليس الأمر علي ما توهمت)). ليسا بمرضيين بل يحمل ((بخ بخ)) علي ما فسر في الفريبين من قوله: قال أبو بكر: معناه تعظيم الأمر وتفخيمه وكذا في شرح مسلم، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لما قال:((قوموا إلي جنة)) أي سارعوا إليها وابذلوا مهجكم وأرواحكم في سبيل الله، ولا تقاعسوا عنها. عظم عمير ذلك وفخمه بقوله:((بخ بخ)). فقال صلى الله عليه وسلم:((ما حملك علي هذا التعظيم؟ أخوفا قلت هذا؟ فقال: لا بل رجاء. والفاء في قوله: ((فإنك)) جزاء شرط أي إذا كان الأمر علي ما قلت؛ فإن الله تعالي يجيبك إلي ما ترومه وترجوه. ((والقرن)) بفتح القاف والراء جعبة النشاب.
وقوله:((لئن أنا حييت)) اللام موطئه للقسم، و ((إن)) شرطية و ((أنا)) فاعل فعل (*) مضمر يفسره ما بعده. و ((إنها لحياة)) جواب القسم، واكتفي به عن جواب الشرط. ويمكن أن يذهب إلي مذهب أصحاب المعإني، فيقال: إن الضمير المنفصل قدم للاختصاص، وهو علي منوال قوله تعالي:{قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ} فكأنه وجد نفسه مختارة للحياة علي الشهادة فأنكر عليها ذلك الإنكار. وإنما قال ذلك استبطاء للانتداب بما ندب به من قوله صلى الله عليه وسلم:((قوموا إلي جنة)) أي سارعوا إليها، ومما ارتجز به عمير يومئذ قوله: