للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣٨١١ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما تعدون الشهيد فيكم؟)) قالوا: يا رسول الله! من قتل في سبيل الله فهو شهيد. قال: ((إن شهداء أمتي اذن لقليل: من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد)). رواه مسلم.

ــ

ركضا إلي إلي الله بغير زاد

إلا التقى وعمل المعاد والصبر في الله علي الجهاد

وكل زاد عرضة النفاد غير التقى والبر والرشاد

أي اركض ركضا وأسرع إسراعا مثل ركض الخيل وإسراعه، وركضه خفف في القول كما حفف في الأكل مبادرة إلي ما انتدب إليه.

الحديث الخامس والعشرون عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((ما تعدون الشهيد)) قال المالكي: العد يوافق الظن في المعنى والعمل، ويشهد له ما روي عن جبريل عليه السلام جاء إلي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما تعدون أهل بدر فيكم؟ قال: من أفضل المسلمين. ((فما)) من قوله: ((فما تعدون)) استفهامية في موضع نصب مفعول ثان، و ((أهل بدر)) مفعول أول، وإجراء عد مجرى ظن معنى وعملا مما أغفله النحويون، ومن شواهده قول الشاعر:

فلا تعدد المولي شريكك في الغنى ولكن المولي شريكك في العدم

وقال الآخر:

لا تعدد المرء خلا قبل تجربة فرب ذي ملق في قلبه أحسن

((تو)): ((ما)) استفهامية ويسأل بكلمة ((ما)) عن جنس ذات الشيء ونوعه [وعن صفات جنس الشيء ونوعه] *، وقد يسأل بها عن الأشخاص الناطقي. ولما كانت حقيقة الاستفهام هاهنا السؤال عن الحالة التي ينال بها المؤمن رتبة الشهادة، استفهم عنها بكلمة ((ما)) لتكون أدل علي وصفها وعلي المعنى المراد منها، ثم إنها مع ذلك تسد مسد ((من)) ولهذا أجابوا عنها بقولهم: من قتل في سبيل الله.

أقول: ((ما)) هنا سؤال عن وصف من له كرامة وقرب عن الله، قال الله تعالي: {والشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ} فيشتمل علي ما ذكره صلى الله عليه وسلم من قوله: ((من قتل في سبيل الله)) إلي آخره. فلما لم يطابق جوابهم سؤاله صلى الله عليه وسلم رد عليهم بقوله: ((إن شهداء أمتي إذن لقليل)) وكان يكفي علي ظنهم أن يقولوا: من قتل في سبيل الله. فأطنبوا وأتوا في الخبر بالفاء؛ دلالة علي أن صلة الموصول علة للخبر فخصوا ما أريد العموم فيه.

((قض)): الشهيد فعيل من الشهود بمعنى المفعول؛ لأن الملائكة تحضره وتبشره بالفوز والكرامة، أو بمعنى فاعل؛ لأنه يلقى ربه ويحضر عنده كما قال تعالي: {والشُّهَدَاءُ عِندَ

<<  <  ج: ص:  >  >>