للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣٨١٢ - وعن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من غازية، أو سرية. تغزو، فتغنم وتسلم، إلا كانوا قد تعجلوا ثلثي أجورهم. وما من غازية، أو سرية، تخفق وتصاب، إلا تم أجورهم)). رواه مسلم.

ــ

رَبِّهِمْ} أو من الشهادة فإنه بين صدقة في الإيمان والإخلاص في الطاعة ببذل النفس في سبيل الله، أو يكون تلو الرسل في الشهادة علي الأمم يوم القيامة. ومن مات بالطاعون أم بوجع في البطن ملحق بمن قتل في سبيل الله؛ لمشاركته إياه في بعض ما ينال من الكرامة بسبب ما كابده من الشدة، لا في جملة الأحكام والفضائل.

قال المالكي ((في)) من قوله: ((في الطاعون والبطن)) بمعنى بالباء الدالة علي السببية كقوله تعالي: {لَوْلا كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}. أقول: ((في)) في مواقعها الأربعة ظرف لكن الأخيرتين علي المجاز، ولما كان الطاعون والبطن لقابليتهما وتمكينهما الموت فيهما جعلا ظرفا لهما، فكأنهما تمكنا منهما تمكن المظروف في الظرف، فجريا لذلك مجرى سببين؛ ولهذا السر ذهب أهل الأصول إلي أن قولهم: سال الوادي. من المجاز الذي العلاقة في السببية؛ لقابلية الوادي سيلان الماء فيه.

الحديث السادس والعشرون عن عبد الله: قوله: ((ما من غازية)) ((نه)): الغازية تإنيث الغازي، وهي هاهنا صفة لجماعة غازية، وقد غزا غزوا فهو غاز والغزوة المرة من الغزو، والاسم الغزاء وجمع الغازي غزاة. والسرية قطعة من الجيش، وإنما أتى صلى الله عليه وسلم بـ ((أو)) تنبيها علي إثبات الحكم المذكور في الكثير من الغزاة والقليل منهم. وإن كان هذا اللفظ من الراوي فلشكه في عبارة النبي صلى الله عليه وسلم. و ((الإخفاق)) أن يغزو فلا يغنم شيئا، وكذلك كل طالب حاجة إذا لم تقض له، وأصله من الخفق وهو التحرك أي صارت الغنيمة خافقة غير ثابتة مستقرة.

((قض)): والمعنى أن من غزا الكفار فرجع سالما غانما، فقد تعجل واستوفي ثلثي أجره، وهما السلامة والغنيمة في الدنيا، وبقي له ثلث الأجر يناله في الآخرة؛ بسبب ما قصد بغزوه محاربة أعداء الله ونصرة دينه. ومن غزا فأصيب في نفسه بقتل أو جرح، ولم يصادف غنيمة فأجره باق بكماله، لم يستوف منه شيئا فيوفر عليه بتمامه في الآخرة.

أقول: ولفظ ((تعجلوا)) يستدعي أن يكون لكل غازي في غزائه ثواب فمن أصاب السلامة والغنيمة، استوفي ثلثي ثوابه في الدنيا بدل ما كان له في الآخرة، وإليه الإشارة بقوله: ((تعجل)). ومن لم يغنم وقتل أتم أجره حيث لم يعجل بشيء. بقي قسمان: من سلم وأخفق

<<  <  ج: ص:  >  >>