فسمع أصوات رجلين اختلفا في آية، فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف في وجهه الغضب، فقال:((إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب)). رواه مسلم. [١٥٢]
١٥٣ - وعن سعد بن أبي وقاص، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أعظم المسلمين في المسلمين جرماً من سأل عن شيء لم يحرم على الناس، فحرم من أجل مسألته)). متفق عليه.
ــ
لبارئها استسلاماً واعترافاً بقصورها والتزاماً – انتهى كلامه.
وأما قوله:{ومَا يَذَّكَّرُ إلَاّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} فهو تعريض بالزائغين، ومدح للراسخين، يعني من لم يذكر ولم يتعظ ويتبع هواه ليس من أولي الألباب، ومن ثم قال الراسخون:{رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنَا وهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ} خضعوا لبارئهم لاستنزال العلم اللدني، واستعاذوا به من الزيغ النفساني. والله أعلم.
الحديث الثالث عشر عن عبد لله بن عمرو: قوله: ((هجرت)) التهجير السير في الهاجرة، وكذلك التهجر، ومنه قول النابغة: خليلي غضا ساعة وتهجرا.
((مظ)): لعل خروجه في هذا الوقت ليدركه عليه الصلاة والسلام، ويستفد منه عند خروجه من الحجرة، فلا يفوت منه شيء مما يصدر عنه عليه الصلاة والسلام من الأقوال والأفعال. وفيه تحريض على تحمل مشقة الحرارة وغيرها، والإسراع إلى المسجد، وطلب العلم.
((مح)): حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختلاف يؤدي إلى الكفر والبدعة، كاختلاف اليهود والنصارى، وذلك مثل الاختلاف في نفس القرآن، أو في معنى لا يسوغ فيه الاجتهاد، أو فيما يوقع في شك، أو شبهة، وفتنة، وخصومة، وأما اختلاف استنباط فروع الدين منه، ومناظرة أهل العلم فيه على سبيل الفائدة، وإظهار الحق، واختلافهم في ذلك – فليس بمنهى عنه، بل هو مأمور به، وفضيلة ظاهرة، وقد أجمع المسلمون من عهد الصحابة إلى الآن على ذلك.
الحديث الرابع عشر عن سعد رضي الله عنه: قوله: ((إن أعظم المسلمين جرماً)) فرع على قوله: ((أجرم المسلمين)) وفيه من المبالغة أنه جعل نفسه عظيماً ففخم، ثم فسره