١٥٤ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يكون في آخر الزمان دجالون كذابون يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم، لا يضلونكم ولا يفتنونكم)). رواه مسلم. [١٥٤]
ــ
بقوله:((جرماً)) ليدل على أن الأعظم نفسه جرم، كقوله تعالى:{وفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًًا}. ((وفي المسلمين)) أي في حقهم وجهتهم، وإنما كان أعظم لأن سراية هذا الضرر عمت المسلمين إلى انقراض العالم. وبيان ذلك أن القتل وإن كان اكبر الكبائر بعد الشرك فإنه يتعدى إلى القاتل، أو إلى عاقلته، أو إلى قبيلته، ولكن جرم من حرم ما سئل عنه لأجل مسألته، فإنه تعدى في سائر المسلمين، فلا يمكن أن يوجد جرم ينتهي في معنى العموم إلى هذا الحد.
السؤال في كتاب الله تعالى، وفي الحديث نوعان: أحدهما ما كان على طريق التكلف والعنت، وهو مكروه ينهى عنه، وكل ما كان من هذا الوجه ووقع السكوت عن جوابه فإنما هو ردع وزجر للسائل، فإن وقع الجواب عنه فهو عقوبة وتغليظ.
((مظ)): هذا في حق من سأل عبثاً وتكلفاً كمسألة بني إسرائيل في بيان البقرة؛ دون من يسأل سؤال حاجة، فهو مثاب، لقوله تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} واحتج بهذا الحديث من يذهب إلى أن أصل الأشياء قبل ورود الشرع بها على الإباحة، حتى يقوم دليل على الحظر.
الحديث الخامس عشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((الدجالون)) المزورون الملبسون، سمى دجالا لتمويهه على الناس، وتلبيسه الباطل بما يشبه الحق. يقال: دجل إذا موه ولبس. ((تو)): يقول: سيكون جماعة يقولون للناس: نحن علماء ومشايخ، وندعوكم إلى الدين، وهم كاذبون في ذلك، ويتحدثون بالأحاديث الكاذبة، ويبتدعون أحكاماً باطلة، واعتقادات فاسدة، ((فإياكم)) أي احذروهم، انتهى كلامه.
قيل: يجوز أن تحمل ((الأحاديث)) على المشهور عند المحدثين، فيكون المراد بها الموضوعات وأن يراد بها ما هو بين الناس، أي يحدثونكم بالذي ما سمعتم عن السلف من علم الكلام، فإنه لم يتكلم فيه الصحابة والتابعون.
قال محيي السنة في شرح السنة: واتفق علماء السلف من أهل السنة على النهي عن الجدال والخصومات في الصفات، وعلى الزجر عن الخوض في علم الكلام وتعلمه. سأل رجل عمر بن