٣٨٥٨ - وعن فضالة بن عبيد، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الشهداء أربعة: رجل مؤمن جيد الإيمان، لقي العدو فصدق الله حتى قتل؛ فذلك الذي يرفع الناس إليه أعينهم يوم القيامة هكذا)) ورفع رأسه حتى سقطت قلنسوته، فما أدري اقلنسوة عمر أراد، أم قلنسوة النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال:((ورجل مؤمن جيد الإيمان، لقي العدو، كأنما ضرب جلده بشوك طلح من الجبن، أتاه سهم غرب فقتله؛ فهو في الدرجة الثانية. ورجل مؤمن خلط عملا صالحا وآخر سيئا، لقي العدو فصدق الله حتى قتل؛ فذلك في الدرجة الثالثة. ورجل مؤمن أسرف علي نفسه، لقي العدو فصدق الله حتى قتل؛ فذاك في الدرجة الرابعة)). رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن غريب [٣٨٥٨]
٣٨٥٩ - وعن عتبة بن عبد السلمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((القتلي ثلاثة: مؤمن جاهد بنفسه وماله في سبيل الله، فإذا لقي العدو قاتل حتى يقتل)). قال النبي
ــ
الحديث العاشر عن فضالة: قوله: ((فصدق الله)) يعني أن الله تعالي وصف المجاهدين الذين قاتلوا لوجهه صابرين محتسبين، فيجزي هذا الرجل بفعله، وقاتل صابرا محتسبا فكأنه صدق الله تعالي بفعله. قال تعالي:{} وقوله: ((هكذا)) مصدر قوله: ((يرفع)) أي رفعا مثل رفع رأسي هكذا كما تشاهدون. وهذا القول كناية عن تناهي رفعة منزلته. وقوله:((ضرب جلده بشوك طلح)) إما كناية عن كونه يقف شعره من الفزع والخوف، أو عن ارتعاد فرائصه وأليتيه. قال:
متى ما نلتقي فردين ترجف روانف أليتيك وتستطارا
و ((من الجبن)) بيان التشبيه. والفرق بين هذا وبين الأول – مع أن كلاهما جيد الإيمان – أن الأول صدق الله في إيمانه لما فيه من الشجاعة، وهذا بذل مهجته في سبيل الله ولم يصدق لما فيه من الجبن. والفرق بين الثاني والرابع أن الثاني جيد الإيمان غير مصدق بفعله، والرابع عكسه. فعلم من وقوعه في الدرجة الرابعة، أن الإيمان والإخلاص لا يوازيه شيء، ومبنى الأعمال علي الإخلاص.
الحديث الحادي عشر عن عتبة: قوله: ((مؤمن)) بين القتلي بقوله: ((مؤمن)) باعتبار ما يؤول إليه بقوله: ((يقتل)). وقوله:((قال النبي صلى الله عليه وسلم)) ذكره في أثناء الحديث مرتين احتياطا؛ لئلا يلتبس