للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفصل الثالث

٣٩٢٢ - عن أبي قتادة، قال: كان رسول الله، إذا كان في سفر فعرس بليل اضطجع علي يمينه، وإذا عرس قبيل الصبح نصب ذراعه ووضع رأسه علي كفه. رواه مسلم.

٣٩٢٣ - وعن ابن عباس، قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة في سرية، فوافق ذلك يوم الجمعة، فغدا أصحابه، وقال: أتخلف وأصلي مع رسو الله صلى الله عليه وسلم، ثم ألحقهم، فلما صلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه، فقال: ((ما منعك أن تغدو مع أصحابك؟)) فقال: أردت أن أصلي معك ثم ألحقهم. فقال: ((لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما أدركت فضل غدوتهم)). رواه الترمذي. [٣٩٢٣]

ــ

((تو)): و ((قض)): والتوفيق بينه وبين ما روى أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا طال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلاً)) أن يحمل الدخول علي الخلو بها وقضاء الوطر منها، لا القدوم عليها. وإنما اختار ذلك أول الليل؛ لأن المسافر لبعده عن أهله يغلب عليه الشبق ويكون ممتلئاً تواقاً، فإذا قضى شهوته أول الليل خف بدنه وسكن نفسه وطاب نومه.

أقول: قد سبق عن الشيخ محيي الدين أنه قال: يكره لمن طال سفره طروق الليل. فأما من كان سفره قريباً يتوقع إتيانه ليلاً، وكذا إذا طال واشتهر قدومه وعلمت امرأته قدومه. فلا بأس بقدومه ليلاً لزوال المعنى الذي هو سببه؛ فإن المراد التهيؤ وقد حصل ذلك. انتهي كلامه. والأحسن أن ينزل الحديث علي الثاني؛ لأن من طال سفره وبعد مدة الفراق طار قلبه اشتياقاً، وخصوصاً إذا قرب من الدار ورأي منها الآثار قال:

إذا دنت المنازل راد شوقي ولا سيما إذا بدت الخيام

ولأنه يكره للمسافر الذي طال سفره أن يقرب من الأهل إلا بعد أيام، لأنه يتضرر به.

الفصل الثالث

الحديث الأول والثاني عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((فوافق)) الفاء فيه كما في قولك: أنا نزيلكم هذا الشهر فإن أحمدتكم أقمت عندكم، وإلا لم أقم إلا ريثما أتحول، فهو للتعقيب؛ فإن التفصيل يعقب المجمل. وقوله: ((لو أنفقت ما في الأرض)) الظاهر أن يقال: غدوتهم أفضل من صلاتك هذه. فعدل إلي المذكور مبالغة كأنه قيل: لا يوازيها شيء من الخيرات. وذلك أن تأخره ذاك ربما يفوت عليه مصالح كثيرة؛ ولذلك ورد: ((لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها)).

<<  <  ج: ص:  >  >>