للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٩٣٠ - وعن عبد الله بن أبي أوفي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى مالت الشمس، ثم قام في الناس فقال: يأيها الناس! لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف)) ثم قال: ((اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم)) متفق عليه.

ــ

إلا مشركي العرب ومجوسهم. وقال الشافعي: لا تؤخذ الجزية إلا من أهل الكتاب والمجوس أعراباً كانوا أو أعاجم. ويحتج بمفهوم آية الجزية وبحديث: ((سنوا بهم سنة أهل الكتاب)). وتأول هذا الحديث علي أن المراد بهؤلاء أهل الكتاب؛ لأن اسم المشرك يطلق علي أهل الكتاب وغيرهم، وكان تخصيصه معلوماً عند الصحابة. وقوله: ((أن تخفروا ذممكم)) والذمة العهد، ويقال: أخفرت الرجل إذا نقضت عهده وخفرته أمنته وحميته.

قالوا: وهذا النهي تنزيه، أي لا تجعل لهم ذمة الله فإن قد ينقضها من لا يعرف حقها، ويهتك حرمتها بعض الأعراب وسواد الجيش. وكذا قوله: ((فلا تنزلهم علي حكم الله)) نهي تنزيه. وفيه حجة لمن يقول: ليس كل مجتهد مصيباً بل المصيب واحد. وهو الموافق لحكم الله تعالي في نفس الأمر، ومن يقول: إن كل مجتهد مصيب يقول معنى قوله: ((فإنك لا تدري أتصيب حكم الله تعالي فيهم؟)) إنك لا تأمن أن ينزل علي وحي بخلاف ما حكمت، كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد وتحكيم سعد بن معاذ في بني قريظة: ((لقد حكمت فيهم بحكم الله)) وهذا المعنى منتف بعد النبي صلى الله عليه وسلم فيكون كل مجتهد مصيباً.

قوله: ((فإنكم)) إلي آخره علي الخطاب كذا في صحيح مسلم وكتاب الحميدي وجامع الأصول، وفي نسخ المصابيح ((فإنهم)) علي الغيبة والأول أصح دراية أيضاً كما سبق في قول الشيخ محيي الدين: ((لا تجعل لهم ذمة الله فإنه قد ينقضها من لا يعرف حقها)) إلي آخره.

قوله: ((أن تخفروا)) الظاهر بفتح الهمزة كما في بعض نسخ المصابيح ((أن)) مع صلتها في تأويل المفرد بدل من ضمير المخاطب، وخبر ((أن)) قوله: ((أهون)) وقد وقع في نسخة ((إن)) بالكسر علي الشرطية، وهو مشكل.

الحديث الخامس عن عبد الله رضي الله عنه: قوله: ((تحت ظلال السيوف)) ((نه)): هو كناية عن الدنو من الضراب في الجهاد حتى يعلوه السيف، ويصير ظله عليه. والظل الفيء الحاصل الحاجز بينك وبين الشمس أي شيء كان. وقيل: هو مخصوص بما كان منه إلي زوال الشمس وما كان بعده فهو الفيء.

((مح)): معناه ثواب الله والسبب الموصل إلي الجنة عند الضرب بالسيوف، ومشي المجاهدين في سبيل الله فاحضروا فيه بصدق النية واثبتوا، وإنما نهي عن تمني لقاء العدو لما

<<  <  ج: ص:  >  >>