للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعين بالله وقاتلهم، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله، وإن حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم علي حكم الله فلا تنزلهم علي حكم الله، ولكن أنزلهم علي حكمك فإنك لا تدري: أتصيب حكم الله فيهم أم لا؟)) رواه مسلم.

ــ

وقوله: ((فإن هم أبوا فاستعن)) إشارة إلي الخصلة الثالثة، فعلي هذا قوله: ((ثم ادعهم)) مكرر زيد لمزيد التقرير، ولينبه علي أن الدعوة إلي الإسلام هي المطلوبة الأولية وأشرف الخصال، ونظيره في التكرير قوله تعالي حكاية عن نوح عليه السلام: {رَبِّ إني دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً ونَهَارًا} - إلي قوله – {ثُمَّ إني دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (٨) ثُمَّ إني أَعْلَنتُ لَهُمْ وأَسْرَرْتُ لَهُمْ إسْرَارًا}. قصد بقوله: {لَيْلاً ونَهَارًا} اشتمال دعوته علي الأزمنة كلها، وبقوله: ((جهازاً وإسراراً)) كيفية دعوته في الأزمنة، وبتكرار ((ثم)) والدعاء التلويح إلي التفاوت بين الأحوال.

((خط)): في قوله: ((فأخبرهم)) أي أخبرهم أن حكمهم حكم المهاجرين مع حصول الثواب والأجر، وأنه كان ينفق علي المهاجرين مما آتاه الله من الفيء، ولم يعطوا شيئاً لأعراب المسلمين. وقوله: ((وعليهم ما علي المهاجرين)) يعني يجب عليهم الخروج إلي الجهاد إذا أمرهم الإمام سواء كان بإزاء العدو من به الكفاية [أو لم يكن، بخلاف غير المهاجرين، فإنه لم يجب عليهم الخروج إلي الجهاد، إذا كان بإزاء العدو من به كفاية]. ((حس)): تقديم الدعوة ليس بشرط إذا كانت الدعوة قد بلغتهم قبل ذلك؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أغار علي بني المصطلق وهم غارون.

((مح)): في الحديث فوائد: وهي تحريم الغدر والغلول وقتل الصبيان إذا لم يقاتلوا وكراهة المثلة، واستحباب رصية الإمام أمراءه وجيوشه بتقوى الله والرفق بمتابعتهم، وتعريفهم بما يحتاجون في غزوهم وما يجب عليهم وما يحل لهم وما يحرم وما يكره وما يستحب، وأنه لا يعطي الفيء والغنيمة لأهل الصدقات نحو هؤلاء الأعراب الذين لم يتحولوا وكانوا فقراء مساكين، ولا تعطي الصدقات أهل الفيء والغنيمة. وقال مالك وأبو حنيفة: المالان سواء يجوز صرف كل منهما إلي النوعين.

والحديث مما يستدل به مالك والأوزاعي ومن وافقهما علي جواز أخذ الجزية من [كل كافر عربياً أو عجمياً كتابياً أو غير كتابي. وقال أبو حنيفة: تؤخذ الجزية من] جميع الكفار

<<  <  ج: ص:  >  >>