للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم الله؛ ألا لا يحل لكم الحمار الأهلي، ولا كل ناب من السباع، ولا لقطة معاهد إلا أن يستغنى عنها صاحبها, ومن نزل بقوم, فعليهم أن

ــ

الطعام وكثرة الأكل, وإما البطر والحماقة, ومن موجباته التنعم والغرور بالمال والجاه, والشبع يكنى به عن ذلك, ((وعلى أريكته)) متعلق بمحذوف في حيز الحال, أي متكئا أو جالسا, وهو تأكيد وتقرير لحماقة القائل وبطره وسوء أدبه. ((خط)): ذكره على ما ذهب إليه الخوارج والظواهر, فإنهم تعلقوا بظاهر القرآن وتركوا السنة التي ضمنت بيان الكتاب فتحيروا وضلوا. قوله: ((ألا لا يحل لكم)) إلى آخره, بيان للقسم الذي يثبت بالسنة, ولم يوجد له ذكر في الكتاب, ومنه: ((ولا لقطة معاهد إلا أن يستغنى عنها صاحبها)). ((خط)): معناه إلا أن يتركها صاحبها لمن أخذها استغناء عنها. ((شف)): ((يقروه)) بفتح الياء, يقال: قريت الضيف قرى, مثل قليته قلى, وقراء إذا أحسنت إليه, إذا كسرت القاف قصرت, إذا فتحت مددت.

وقوله: ((فعليهم أن يقروه)) أي سنة واستحبابا لا فرضا وإيجابا, فإن قرى الضيف غير واجب قطعا, لحديث الأعرابي, وهو قوله: ((هل على غيرهن يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لا, إلا أن تطوع)). وقوله: ((فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه)) أي فله أن يتبعهم ويجازيهم من صنيعهم بأن يأخذ من مالهم مثل قراه, يقال: أعقبه بطاعته إذا جازاه. قلت: فهو من باب الإفعال, وبعضهم يجعله من باب التفعيل, والمعقب الطالب, قال لبيد:

طلب المعقب حقه المظلوم

قال في نهاية الجزري: أي فله أن يأخذ منهم عوضا عما حرموه من القرى, ويقال: عقبهم مشددا ومخففا وأعقبهم إذا أخذ منهم عقبى, وعقبه وهو أن يأخذ منهم بدلا عما فاته, وهذا في المضطر الذي لا يجد طعاما, ويخاف على نفسه التلف, ويحتمل أن الأمر بأخذه مقدار القرى من مال المنزو لبه كان من جملة العقوبات التي نسخت بوجوب الزكاة, ومما يؤيد هذا الاحتمال قوله صلى الله عليه وسلم في آخر حديث العرباض: ((وإن الله لم يحل لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب – إلى قوله – ولا أكل ثمارهم – إلى قوله – إذا أعطوكم الذي عليهم من الجزية)).

أقول: قول من قال: إن المراد بالمثل العدد هو الوجه, ويؤيده الحديث التالي كما سبق, ومطابقته للرد, فإن قول الرجل: ((فما وجدتم من حلال فأحلوه)) يشعر بأن الكتاب استوعب جميع الأحكام الحلال والحرام, ويعضده ما في حديث العرباض, وقوله: ((يظن أن الله لم يحرم شيئا إلا ما في هذا القرآن)) حيث أتى بأداة الحصر, فالرد إنما يستقيم إذا حمل على العدد, وأيضا قوله: ((معه)) صفة لمثله؛ لأن المثل متوغل في الإبهام, لا يتعرف بلإضافة, فمعناه أوتيت مثل الكتاب مصاحبا مع الكتاب أحكام وسنن مثله في العدد أو أكثر, ولأن قوله: ((ألا لا يحل

<<  <  ج: ص:  >  >>