٤١٦٠ - وعن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه)). رواه مسلم
٤١٦١ - وعن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله، وعند طعامه؛ قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء. وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله؛ قال الشيطان: أدركتم المبيت. وإذا لم يذكر الله عند طعامه؛ قال: أدركتم المبيت والعشاء)). رواه مسلم.
ــ
((مح)): وفيه استحباب التسمية في ابتداء الطعام وحمد الله في آخره، وأن يجهر بها ليسمع غيره. ولو ترك التسمية في الأولى وتذكر في أثنائه، يقول: بسم الله أوله وآخره، والتسمية في شرب الماء واللبن والعسل والمرق والدواء وسائر المشروبات كالتسمية على الطعام.
وينبغي أن يسمي كل واحد من الآكلين. فإن سمى واحد منهم حصل أصل السنة نص عليه الشافعي، ويستدل بأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الشيطان إنما يتمكن من الطعام إذا لم يذكر اسم الله عليه، وهو قد ذكر اسم الله تعالى عليه، وأن المقصود يحصل بواحد. واستحباب الأكل والشرب باليمين وكراهيتهما بالشمال؛ لأن الشيطان يأكل بالشمال، وإن كان عذر يمنع من ذلك فلا كراهة. واستحباب الأكل مما يليه؛ لأن أكله من موضع يد صاحبه سوء عشرة وترك مروءة؛ لنفوره لا سيما في الأمراق وأشباهها. فإن كان تمرا فقد نقلوا إباحة اختلاف الأيدي في الطبق، والذي ينبغي تعميم النهي حملا على عمومه حتى يثبت دليل مخصص. أقول: كان الظاهر أن يقال: كنت أطيش بيدي، فأسند الطيش إلى اليد مبالغة، وأنه لم يكن يراعي آداب الأكل فأرشده لذلك إلى التسمية والأكل باليمين أيضا.
الحديث الثاني عن حذيفة: قوله: ((يستحل الطعام)) فيه وجهان: ((مح)): معناه أنه يتمكن من أكل الطعام، وهو محمول على ظاهره؛ فإن الشيطان يأكل حقيقة؛ إذ العقل لا يحيله والشرح لم ينكره بل أثبته، فوجب قبوله واعتقاده. ((تو)): المعنى أن يجد سبيلا إلى تطيير بركة الطعام بترك التسمية عليه في أول ما يتناوله المتناولون، وذلك حظه من ذلك الطعام.
ومعنى الاستحلال هو أن تسمية الله تمنعه عن الطعام، كما أن التحريم يمنع المؤمن عن تناول ما حرم عليه، والاستحلال استنزال الشيء المحرم محل الحلال وهو في الأصل مستعار من حل العقدة. أقول: كأنه أراد أن ترك التسمية في الطعام إذن للشيطان من الله تعالى في تناوله كما أن التسمية منع له منه، فيكون استعارة تبعية. و ((أن)) في أن لا يذكر)) مصدرية واللام مقدرة أو الوقت.
الحديث الثالث عن جابر: قوله: ((لا مبيت لكم ولا عشاء)) ((قض)): المخاطب به أعوانه أي