٤١٩٩ - وعن أبي أمامة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع مائدته قال: ((الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا)) رواه البخاري.
٤٢٠٠ - وعن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها)) رواه مسلم.
وسنذكر حديثي عائشة وأبي هريرة: ما شبع آل محمد، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم من الدنيا في ((باب فضل الفقراء)) إن شاء الله تعالى.
ــ
مجهولا، ولا يجوز ذلك. وكذلك لو لم يكل ما ينفق على العيار ربما يكون ناقصا عن قدر كفايتهم، فيكون النقصان ضررا عليهم. وقد يكون زائدا على قدر كفايتهم، ولم يعرف ما يدخر لتمام السنة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكيل؛ ليكونوا على علم ويقين فيما يعملون. قمن راعى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد بركة عظيمة في الدنيا وأجرا عظيما في الآخرة. انتهى كلامه.
فإن قلت: كيف التوفيق بين هذا وما روى عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أنها قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما لي شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في زق. فكلته ففنى.
قلت: الكيل عند البيع والشراء مأمور به لإقامة القسط والعدل، وفيه البركة والخير، وعند الإنفاق إحصاء وضبط وهو منهي عنه؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((أنفق بلالا ولا تخش من ذي العرش إقلالا)).
الحديث الثاني والثلاثون عن أبي أمامة: قوله: ((غير مكفي)) يروى بالرفع والنصب وكذا ربنا. وفيه وجوه:
أحدهما غير مردود ولا مقلوب، والضمير راجع إلى الطعام الذال عليه سياق الكلام.
وثانيهما: مكفي من الكفاية فيكون من المعتل، يعني أن الله تعالى هو المطعم والكافي وهو غير مطعم ولا مكفي، فيكون الضمير راجعا إلى الله تعالى. وقوله: ((ولا مودع)) أي غير متروك الطلب إليه والرغبة فيما عنده.
وثالثها: أن يكون الكلام راجعا إلى الحمد كأنه قال: ((حمدا كثيرا مباركا فيه غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه)) أي الحمد. فالضمير راجع إلى الحمد. قوله: ((ربا)) على الأول والثالث منصور على الدعاء وحرف النداء محذوف. وعلى الثاني مرفوع على الابتداء، ((وغير مكفي)) خبره. وهذا من تلخيص كلام ابن السكيت والخطابي من جامع الأصول.
الحديث التاسع والثلاثون عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((الأكلة)) هو بالفتح للمرة.