للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٢٤٤ - وعن أبي شريح الكعبي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، جائزته يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام، فما بعد ذلك فهو صدقة، ولا يحل له أن يثوى عنده حتى يحرجه)). متفق عليه.

ــ

وقد أوجبها الليث ليلة واحدة، واحتج بحديث عقبة: ((إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بحق الضيف فاقبلوا، وإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم)). وعامة الفقهاء على أنها من مكارم الأخلاق. وحجتهم قوله صلى الله عليه وسلم: ((جائزته يوم وليلة))، والجائزة العطية والمنحة والصلة، فذلك لا يكون إلا مع الاختيار. وقوله: ((فليكرم ضيفه)) يدل على هذا أيضا؛ إذ ليس يستعمل مثله في الواجب. وتأولوا الأحاديث أنها كانت في أول الإسلام إذ كانت المواساة واجبة.

واختلف: هل الضيافة على الحاضر والبادي أم على البادي خاصة؟ فذهب الشافعي ومحمد بن عبد الحكم إلى أنها عليهما. وقال مالك وسحنون: إنما ذلك على أهل البوادي؛ لأن المسافر يجد في الحضر المنازل في الفنادق ومواذع النزول، وما يشتري في الأسواق، هذا كلام القاضي. وأما قوله: ((فليقل خيرا أو ليصمت)) فمعناه أنه إذا أراد أن يتكلم، فإن كان ما يتكلم به خير محققا يثاب عليه، واجبا كان أو مندوبا فليتكلم. وإن لم يظهر له خيره فليمسك عنه سواء ظهر له أنه حرام أو مكروه أو مباح، فعلى هذا يكون الكلام المباح مأمورا بتركه مندوبا إلى الإمساك عنه مخافة من الجرارة إلى الحرام.

وقال الشافعي في معنى الحديث: من أراد أن يتكلم فليتفكر، فإن ظهر له أنه لا ضرر عليه، تكلم، وإن ظهر له فيه ضرر أو شك فيه امسك. وقال بعض علماء المالكية: جماع آداب الخير تتفرع من أربعة أحاديث: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)) ((ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه))، وقوله للذي اختصر له الوصية. ((لا تغضب)) وقوله: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)).

الحديث الثاني عن أبي شريح: قوله ((جائزته يوم وليلة)) ((فا)): الجائزة من أجازه بكذا إذا أتحفه وألطفه كالفاضلة واحدة الفواضل من أفضل عليه. ((حس)): سئل عن ذلك مالك بن أنس فقال: يكرمه ويتحفه يوما وليلة.

قوله: ((والضيافة ثلاثة أيام)) ((نه)): أي يضاف ثلاثة أيام فيتكلف له في اليوم الأول ما اتسع له من بر وإلطاف، ويقدم له في اليوم الثاني والثالث ما حضر ولا يزيد على عادته، ثم يعطيه ما يجوز به مسافة يوم وليلة وتسمى الجيزة. وهو قدر ما يجوز به المسافة من منهل إلى منهل، فما كان بعد ذلك فهو صدقة ومعروف إن شاء فعل وإن شاء ترك.

<<  <  ج: ص:  >  >>