٤٢٤٥ - وعن عقبة بن عامر، قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: ((إنك تبعثنا فننزل بقوم لا يقروننا، فما ترى؟ فقال لنا: ((إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا؛ فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم)). متفق عليه.
ــ
((حس)): قد صح عن عبد الحميد عن ابن شريح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الضيافة ثلاثة أيام وجائزته يوم وليلة)). قال: وهذا يدل على أن الجائزة بعد الضيافة، وهو أن يقري ثلاثة أيام ويعطي ما يجوز به مسافة يوم وليلة.
أقول:((جائزته)) إلى آخره، جملة مستأنفة بيان للأولى، كأنه قيل: كيف يكرمه؟ فأجيب: جائزته. ولا بد من تقدير مضاف أي: زمان جائزته، أي بره وإلطافه يوم وليلة. وفي هذا الحديث يحمل على اليوم الأول، وفي الحديث الآخر على اليوم الآخر أي: قدر ما يجوز به المسافر ما يكفيه يوما وليلة، فينبغي أن يحمل على هذا عملا بالحديثين.
قوله:((أن يثوى عنده)) ((فا)): هو من الثواء وهو الإقامة، والحراج التضييق.
الحديث الثالث عن عقبة: قوله: ((لا يقروننا)) بإثبات النون، وفي أصل المالكي بإسقاطه، قال: حذف نون الرفع موضع الرفع لمجرد التخفيف، ثابت في الكلام الفصيح نثره ونظمه. فمن النثر قول الراوي لعائشة رضي الله عنها: بلغنا أنك تصليهما يعني الركعتين بعد العصر، وقول مسروق لها: لم تأذني له؟ يعني حسان رضي الله عنه. ومنه ما رواه البغوي من قول النبي صلى الله عليه وسلم:((لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنزا ولا تؤمنوا حتى تحابوا)) ومن النظم قول أبي طالب:
فإن سرقوا ما بعض ما قد صنعتموا ستحتلبوها [لا قحا] * غير باهل
وسبب هذا الحذف كراهية تفضيل النائب على المنوب عنه، وذلك أن النون نائب عن الضمة، والضمة قد حذفت لمجرد التخفيف، كقراءة أبي عمرو بتسكين راء ((يشعركم ويأمركم وينصركم)).
قوله:((ينبغي لهم)) هكذا هو في صحيح مسلم والحميدي وشرح السنة. وقد غيروا في المصابيح إلى ((له))، ولم ينتبهوا على أن الضيف مصدر يستوي فيه الجمع والواحد. قال الله تعالى:{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبْرَاهِيمَ المُكْرَمِينَ}((مح)): قد حمل أحمد والليث الحديث على ظاهره، وتأوله الجمهور على وجوه:
أحدها: أنه محمول على المضطرين فإن ضيافتهم واجبة.
ثانيها: أن المعنى إن لكم أن تأخذوا من أعراضكم بألسنتكم وتذكروا للناس لومهم.