١٧٥ - وعن أنس, قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يابني إن قدرت أن تصبح وتمسي وليس في قلبك غش لأحد فافعل)). ثم قال:((يابني! وذلك من سنتي, ومن أحب سنتي فقد أحبني, ومن أحبني كان معي في الجنة)) رواه الترمذي. [١٧٥].
١٧٦ - وعن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تمسك بسنتي عند فساد أمتي, فله أجر مائة شهيد)) رواه [١٧٦].
ــ
الحديث الثالث عشر عن أنس: قوله: ((أن تصبح)) أي تدخل في وقت الصبح, وقوله:((ليس)) حال تنازع فيه الفعلان, والمراد بهما الديمومة و ((الغش)) نقيض النصح الذي هو إرادة الخير لأحد, والغش مأخوذ من الغشش وهو المشرب الكدر, و ((أحد)) عام شامل للمؤمن والكافر, فإن نصيحة الكافر أن يجتهد في إيمانه, وسيعى في خلاصه من ورطة الهلاك باليد, واللسان, وبالتأليف بما يقدر عليه من المال. وقوله:((فافعل)) جزاء كناية عما سبق في الشرط من المعنى, أي إن فعلت ما نصحتك به فقد أوتيت بأمر عظيم, ولهذا أشار بقوله:((ذلك)) للإشعار بأنه رفيع المنزلة, بعيد المتناول. وأخبر عنه بقوله:((من سنتي)) وعقبه بقوله: ((ومن أحب)) إلى آخره.
الحديث الرابع عشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله ((فله أجر مائة شهيد)) (مظ)): وذلك لأنه يلحقه مشقة في ذلك الوقت بإحياء السنة والعمل بها, فهو كالشهيد الذي قاتل الكفار لإحياء الدين حتى قتل. أقول: قيل: ((فساد أمتي)) ولم يقل: إفسادهم لأنه أبلغ, كأن ذواتهم قد فسدت, فلا يصدر منهم صلاح ولا ينجع الوعظ فيهم, ولا ينزلون عن منكر فعلوه ولا يفعلون معروفا أمروا به, ولا سيما إذا ظهر ذلك في العلماء منهم, والمقتفين لآثارهم.