للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٧٤ - وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتبعوا السواد الأعظم, فإنه من شذ شذ في النار)) رواه ((ابن ماجه من حديث أنس)).

ــ

الإمام الحق فكأنما بايع الله, ومن بايع الله فإنه ينصره, ويخذل أعداءه. أي هو ناصرهم ومصيرهم غالبين على من سواهم, فينبغي لمن ينتمي إلى محمد صلى الله عليه وسلم أن لا يفارقهم, ومن فارقهم خلع ربقة الطاعة من عنقه, وخرج عن نصرة الله تعالى فدخل النار, فالواو في قوله: ((ومن شذ)) للعطف على معنى الحصول في الوجود, وتفويض ترتب الثانية على الأولى إلى فهم السامع الفطن الذكي كما تقرر في علم المعاني.

ويحتمل أن يضمن ((يد الله)) معنى الإحسان والإنعام بالتوفيق على استنباط الأحكام, وعلى الاطلاع على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الاعتقاد المستقيم, والأخلاق الفاضلة, فإن ((ضلالة)) لفظ مطلق شامل لمعنى أنواع الضلالة من الاجتماع على إمام يقتدون به, وعلى حكم يستنبطونه, وعلى اعتقاد يعتقدونه فالمناسب أن يعبر بالضلالة عن الباطل؛ لأنه يجمع المعاني الثلاثة التي يستدعيها باب التمسك بالكتاب والسنة على سبيل الاشتراك المسمى بعموم المجاز. والله أعلم.

الحديث الثاني عشر عن ابن عمر: قوله: ((السواد الأعظم)) ((غب)) السواد يعبر به عن الجماعة الكثيرة, والسيد: المتولي للسواد الكثير, ولما كان من شرط المتولي للجماعة أن يكون مهذب النفس قيل لكل من كان فاضلا في نفسه: سيد, ويقال: ساد القوم يسودهم, ولا يقال: سيد الثوب والفرس.

((مظ)): المعنى انظروا إلى الناس وإلى ماهم عليه, فما عليه الأكثر من علماء المسلمين من الاعتقاد والقول والفعل فاتبعوهم فيه, فإنه هو الحق, وما عداه باطل. هذا في الأصول, كالاعتقاد في أركان الإسلام, وأما الفروع ففي نحو بطلان الوضوء بمس الفرج ولمس النساء وأشباههما فلا حاجة فيها إلى وجوب الإجماع, بل كل من أفتى فيه من المجتهدين كمالك, والشافعي, وأبي حنيفة, وأحمد – رضي الله عنهم – يجوز العمل به.

<<  <  ج: ص:  >  >>