٤٥٨٠ - وعن جابر، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا عدوى ولا صفر ولا غول)) رواه مسلم.
ــ
وقيل: أراد بالنوء الغروب وهو من الأضداد. قال أبو عبيد: لم يسمع في النوء أنه السقوط إلا في هذا الموضع.
وإنما غلظ النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الأنواء؛ لأن العرب كانت تنسب المطر إليها. فأما من جعل المطر من فعل الله تعالى وأراد بقوله: مطرنا بنوء كذا، أي في وقت كذا وهو هذا النوء الفلاني، فإن ذلك جائز. أي إن الله تعالى قد أجرى العادة أن يأتي المطر في هذه الأوقات.
الحديث الخامس عن جابر: قوله: ((لا غلول)) ((نه)): الغول واحد الغيلان وهي جنس من الجن والشياطين، كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تترأي للناس، فيتغول تغولا أي يتلون تلونا في صور شتى، ويغولهم أي يضلهم عن الطريق ويهلكهم، فنفاه النبي صلى الله عليه وسلم وأبطله.
وقيل: قوله: ((لا غلول)) ليس نفيا لعين الغول ووجوده. وإنما فيه إبطال زعم العرب في تلونه بالصورة المختلفة واغتياله، فيكون المعنى بقوله:((لا غول)) إنها لا تستطيع أن تضل أحدا.
ويشهد له الحديث الآخر:((لا غول ولكن السعالى)) والسعالى سحرة الجن، أي ولكن في الجنة سحرة لهم تلبيس وتخييل. ومنه الحديث:((إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان))، أي ادفعوا شرها بذكر الله تعالى. وهذا يدل على أنه لم يرد بنفيها عدمها. ومنه حديث أبي أيوب:((كان لي ثمرة في سهوة، وكانت الغيل تجيء فتأخذه)).
((تو)): قال الطحاوي: يحتمل أن الغول قد كان ثم دفعه الله تعالى عن عباده وعن بعضهم.
هذا ليس ببعيد؛ لأنه يحتمل أنه من خصائص بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم ونظيره منع الشياطين من استراق السمع بالشهاب الثاقب.
أقول: إن (لا) التي لنفي الجنس دخلت على المذكورات ونفت ذواتها، وهي غير منفية فتوجه النفي إلى أوصافها وأحوالها التي هي مخالفة للشرع؛ فإن العدوى وصفر وهامة والنوء موجودة والمنفي هو ما زعمت الجاهلية إثباتها، فإن نفي الذات لإرادة نفي الصفات أبلغ، لأنه من باب الكناية. وقريب منه قوله تعالى:{فَلا تَمُوتُنَّ إلَاّ وأَنتُم مُّسْلِمُونَ}. فنهاهم عن الموت وهو ليس بمقدورهم، فالمنفي هو حالة إذا أدركهم الموت لم يجدهم عليها، وهي أن يكونوا على غير ملة الإسلام. فالوجه ما ذهب إليه صاحب النهاية من الوجه الثاني. واختاره الشيخ التوربشتى.