٤٥٩٦ - وعن زيد بن خالد الجهني، قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس، فقال:((هل تدرون ماذا قال ربكم)) قالو: الله ورسوله أعلم. قال:((قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر؛ فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب)). متفق عليه.
ــ
إذا أتى بها على وجهها الكامل، تربت عليها شيئان: سقوط الفرض عنه، وحصول الثواب، فإذا أداها في أرض مغصوبة حصل الأول دون الثاني. ولا بد من هذا التأويل في هذا الحديث؛ فإن العلماء متفقون على أنه لا يلزم على من أتى العراف إعادة صلاة أربعين ليلة، فوجب تأويله.
الحديث الخامس عن زيد: قوله: ((على إثر سماء)) ((مح)): هو بكسر الهمزة وإسكان الثاء وفتحها جميعا لغتان مشهورتان، والسماء المطر. انتهى كلامه. وقوله:((كانت من الليل)) صفة ((سماء)) وأنث الراجع اعتبارا للفظ. وفي ((أصبح)) ضمير الشأن. و ((من)) للتبعيض، وهو مبتدأ وما بعده خبر له, والجملة خبر ((كانت)) مبينة للضمير. ويحتمل أن يكون اسمه ((مؤمن بي)) مبتدأ، و ((من عبادي)) خبره و ((من)) فيه بيانية، وفيه قلب من حيث المعنى كقوله:((عرضت الناقة على الحوض)).
فإن قلت: ما معنى قوله: ((أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر))؟. قلت: فيه تأنيب وتعيير لهم، أي كونهم من عبادي مناف لكفران النعمة واختلافهم في ذلك، كقوله تعالى:{وتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}. الكشاف: قيل: نزلت في الأنواء ونسبتهم السقيا إليها. والرزق المطر يعني وتجعلون شكر ما يرزقكم الله من الغيث أنكم تكذبون بكونه من الله؛ حيث تنسبونه إلى النجوم.
وقوله:((فأما من قال)) إلى آخره تفصيل للمجمل، وهو قوله:((مؤمن بي وكافر)) ولا بد من تقدير فيه ليطابقه المفصل، فالتقدير: مؤمن بي وكافر بالكواكب، وكافر بي ومؤمن بالكواكب، فهو من باب الجمع مع التقسيم.
((مح)): اختلفوا في كفر من قال: مطرنا بنوء كذا على قولين: أحدهما: هو كفر بالله سبحانه وتعالى سالب لأصل الإيمان، وفيه وجهان: أحدهما: أنه من قال معتقدا بأن الكواكب فاعل مدبر منشئ للمطر كزعم أهل الجاهلية، فلا شك في كفره. وهو قول الشافعي والجماهير