للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رب! ما هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك، فإذا كل إنسان مكتوب عمره بين عينيه، فإذا فيهم رجل أضوؤهم- أو من أضوئهم- قال: يارب! من هذا؟ قال: هذا ابنك داود وقد

ــ

تقول لمن هو كذلك: كلتا يديه يمين، وإذا نقص حظ الرجل وبخس نصيبه، قيل: جعل سهمه في الشمال، وإذا لم يكن عنده اجتلاب منفعة ولا دفع مضرة قيل: ليس فلان باليمين ولا بالشمال. وقال أيضا في حديث آخر نحوه: ((إن ذلك كان من ملك أمره الله عز وجل بجمع أجزاء الطين من جملة الأرض، أمره بخلطها بيديه، فخرج كل طيب بيمينه، وكل خبيث بشماله)) فتكون اليمين والشمال للملك، فأضاف إلى الله تعالى من حيث كان عن أمره. وجعل كون بعضهم في يمين الملك علامة لأهل الخير منهم، وكون بعضهم في شماله علامة لأهل الشر منهم، ولذلك ينادون يوم القيامة بأصحاب اليمين وأصحاب الشمال.

أقول وبالله التوفيق: وتقريره على طريقة أصحاب البيان هو أن إطلاق اليد على القدرة تارة، وعلى النعمة أخرى من إطلاق السبب على المسبب؛ لأن القدرة والنعمة صادرتان عنها وهي منشؤهما، وكذلك القدرة منشأ الفعل، والفعل إما خير أو شر أو إضلال أو هداية. ((واليدان)) في الحديث إذا حملتا على القدرة منشأ الفعل، والفعل إما خير أو شر أو إضلال أو هداية. ((واليدان)) في الحديث إذا حملتا على القدرة منشأ الفعل، والفعل إما خير أو شر أو إضلال أو هداية. فاليمين عبارة عن خلق الهدى والإيمان. وإليه الإشارة بقوله: ((فإذا فيهم رجل أضوؤهم)) على أفعل التفضي الذي يقتضي الشركة. والشمال على عكسها. ومعنى ((كلتا يديه يمين)):أن كلا من خلق الخير والشر والإيمان والكفر من الله تعالى عدل وحكمة، لأنه عزيز يتصرف في ملكه كيف يشاء: ولا مانع له فيه ولا منازع، حكيم يعلم بلطيف حكمته ما يخفي على الخلق. قال تعالى:} فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم {فمعنى اليمين كما في قول الشاعر:

إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين

أي بتدبيره الأحسن وتحريه الأصوب. وإذا حملتا على النعمة كان اليمين المبسوطة عبارة عن منح الألطاف وتيسير اليسرى على أهل السعادة من أصحاب اليمين والشمال المقبوضة على عكسها. ومعنى ((كلتا يديه يمين)) على ما سبق، قال تعالى:} الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له إن الله بكل شيء عليم {.الفاصلتان في الآيتان أعني} العزيز الحكيم {و} بكل شيء عليم {ملوحتان إلى معنى ما في الحديث في قوله: ((كلتا يديه يمين)).و} الحمدلله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله {والله أعلم].

<<  <  ج: ص:  >  >>