٤٦٦٢ - عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لما خلق الله آدم ونفخ فيه الروح عطس، فقال: الحمد لله، فحمد الله بإذنه، فقال له ربه: يرحمك الله يا آدم! اذهب إلى أولئك الملائكة إلى ملأ منهم جلوس، فقل: السلام عليكم فقال: السلام عليكم. قالوا: عليك السلام ورحمة الله. ثم رجع إلى ربه، فقال: إن هذه تحيتك وتحية بنيك بينهم. فقال له الله ويداه مقبوضتان: اختر أيتهما شئت. فقال: اخترت يمين ربي وكلتا يدى ربي يمين مباركة، ثم بسطها، فإذا آدم وذريته، فقال: أي
ــ
الفصل الثالث
الحديث الأول عن أبي هريرة: قوله: ((فقال: الحمد لله)) أي فأراد أن يقول: الحمد لله.
فحمد الله بإذنه أي بتيسيره وتوفيقه. وقد سبق تأويله في الحديث الأول من هذا الباب وقوله:((إلى ملأ منهم جلوس)) يحتمل أن يكون بدلا، فيكون من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بياناً لكلام الله تعالى، وهو إلى الحال أقرب منه إلى البدل يعني قال الله تعالى:((أولئك)) مشيراً به إلى ملأ منهم، ثم رجع إلى ربه أي مكان كلمه ربه فيه.
[قوله:((وكلتا يدي ربي يمين)) كالتتميم صوناً لما يتوهم من إثبات الجارحة من الكلام السابق. وللشيخ أبي بكر بن محمد بن الحسن بن فورك كلام تين فيه قال: واليدان إن حملتا على معنى القدرة والملك صح. وإن حملتا على معنى النعمة والأثر الحسن صح، لأن ذلك مما حدث في ملكه بتقديره وعن ظهور نعمته على بعضهم، ثم قال: قد ذكر بعض مشايخنا! أن الله عز وجل هو الموصوف بيد الصفة لا بيد الجارحة، وإنما تكون يد الجارحة يميناً ويساراً؛ لأنهما يكونان لمتبعض ومتجزئ ذي أعضاء، ولما لم يكن ما وصف الرب به يد جارحة بين صلى الله عليه وسلم بما قال، أي ليست هي يد جارحة.
وقيل: إن المراد أن الله عز وجل لما وصف باليدين، ويدا الجارحة تكون إحداهما يميناً والأخرى يساراً، واليسرى ناقصة في القوة والبطش، عرفنا صلى الله عليه وسلم كمال صفة الله عز وجل، وأنها لا نقص فيها، ويحتمل أن يكون معناه أن آدم عليه السلام لما قيل له: اختر أيتها شئت فقال: اخترت يمين ربي وكلتا يدي ربي يمين. أراد به لسان الشكر والنعمة، لا لسان الحكم والاعتراف بالملك، فذكر الفضل والنعمة؛ لأن جميع ما يبديه -عز وجل- من مننه فضل وطول، من مبتدأ من منفوع ينفعه، ومن مدفوع عنه يحرسه، فقصد الشكر والتعظيم للمنة.
قيل: أراد به وصف الله تعالى بغاية الجود والكرم والإحسان والتفضيل؛ وذلك أن العرب