٤٦٩٦ - وعن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم:((لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه، ولكن تفسحوا وتوسعوا)) متفق عليه.
٤٦٩٧ - وعن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((من قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به)).رواه مسلم.
ــ
هكذا احتج بالحديث جماهير العلماء. قال القاضي عياض: ليس هذا من القيام المنهي عنه، إنما ذاك فيمن يقومون عليه وهو جالس ويمثلون قياما طول جلوسه. قال الشيخ محيي الدين: هذا القيام للقادم من أهل الفضل مستحب، وقد جاءت أحاديث ولم يصح في النهي عنه شيء صريح، وقد جمعت كل ذلك مع كلام العلماء عليه في جزء، وأجبت فيه عما يوهم النهي عنه. واختلفوا في الذين عناهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:((قوموا إلى سيدكم)) هل هم الأنصار خاصة أم جميع من حضر من المهاجرين معهم؟
أقول: قوله: ليس هذا من القيام الذي يراد به التعظيم، مسلم، لكن لم قلت: إنه كان هذا القيام للتعظيم لا للإكرام؟ قال الشيخ أو حامد: القيام مكروه على سبيل الإعظام لا على سبيل الإكرام. وقوله:((قوموا)) لو كان يريد به التوقير والتعظيم لقال: قوموا لسيدكم، ضعيف؛ لأن ((إلى)) في هذا المقام أفخم من اللام، كأنه قال: قوموا واذهبوا إليه تلقيا وكرامة، يدل عليه ترتب الحكم على الوصف المناسب المشعر بالعلة؛ فإن قوله:((إلى سيدكم)) علة للقيام له، وليس ذلك لكونه شريفا كريما على القدر، وإليه أشار الشيخ محيي الدين بقوله: أو شرف.
الحديث الثاني عن ابن عمر: قوله: ((لا يقيم الرجل الرجل)) ((مح)):هذا النهي للتحريم، فمن سبق إلى موضع مباح من المسجد وغيره يوم الجمعة أو غيره لصلاة أو غيرها فهو أحق به. وليس لأحد أن ينازعه فيه. وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا قام له رجل من مجلسه لم يجلس فيه.
الحديث الثالث عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((فهو أحق به)) ((مح)):قال أصحابنا: هذا حديث فيمن جلس في موضع من المسجد أو غيره لصلاة مثلا، ثم فارقه ليعود، بأن فارقه ليتوضأ أو يقضي شغلا يسيرا، لم يبطل اختصاصه به، بل إذا رجع فهو أحق به. وإن قعد فيه غيره فله أن يقيمه، وعلى القاعد أن يفارقه. وقال بعضهم: هذا مستحب ولا يجب، والصواب الأول. وإنما يكون أحق به في تلك الصورة وحدها.