للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٨١٣ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا، يرفع الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا، يهوى بها في جهنم)).رواه البخاري وفي رواية لهما: ((يهوي بها في النار أبعد مابين المشرق والمغرب)).

٤٨١٤ - وعن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)).متفق عليه.

ــ

يدخل الجنة. فأراد أن يؤكد الوعد تأكيدا بليغا فأبرزه في صورة التمثيل؛ ليشعر بأنه واجب الأداء، فشبه صورة حفظ المؤمن نفسه مما وجب عليه من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونهيه، وشبه ما يترتب عليه من الفوز بالجنة، وأنه واجب على الله بحسب الوعد أداؤه، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الواسطة والشفيع بينه وبين الله تعالى بصورة شخص له حق واجب الأداء على آخر، فيقوم به ضامن يتكفل له بأداء حقه. وأدخل المشبه في صورة المشبه به وجعله فردا من أفراده، ثم ترك المشبه به وحعل القرينة الدالة على ما يستعمل فيه من الضمان نحو قولك للمفتي الذي يتردد في فتواه: أراك أيها المفتي تقدم رجلا وتؤخر أخرى. ونحوه في التمثيل قوله تعالى} إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة {.

الحديث الثاني عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((من رضوان الله)) ((من)) فيه بيانية حال من الكلمة، وكذا قوله ((لا يلقي لها بالا)).وقوله: ((يرفع الله بها درجات)) جملة مستأنفة بيان للموجب، كأن قائلا يقول: ماذا يستحق بعد؟ قيل له يرفع الله بها درجات. ((نه)): ((لا يلقي لها بالا)) أي لا يستمع إليه ولا يحعل قلبه نحوه.

قوله: ((أبعد)) الظاهر أنه صفة مصدر محذوف أي هويا بليغا بعيد المبدأ والمنتهى.

الحديث الثالث عن عبد الله: قوله: ((سباب المسلم)) ((نه)):السب والشتم يقال: سبه يسبه سبا سبابا. قيل: هذا محمول على من سب أو قاتل مسلما من غير تأويل. وقيل: إنما قال ذلك على جهة التغليظ إلا أن يخرجه إلى الفسق والكفر. ((حس)):إذا استباح دمه من غير تأويل، ولم ير الإسلام عاصما له فهو ردة كفر.

أقول: معنى الحديث راجع إلى قوله صلى الله عليه وسلم: ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)).وقد تقرر أن المسلم هنا الكامل في الإيمان المؤدي لحقوقه بحسب استطاعته. فالنسبة إلى الكفر في هذا الحديث إشارة إلى نقصان إيمانه تغليظا.

<<  <  ج: ص:  >  >>