٤٨٢٧ - وعن أبي بكرة، قال: أثنى رجل على رجل عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:((ويلك قطعت عنق أخيك)) ثلاثا ((من كان منكم مادحا لا محالة فليقل: أحسب فلانا، والله حسيبه، إن كان يرى أنه كذلك، ولا يزكى على الله أحدا)).متفق عليه.
٤٨٢٨ - وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((أتدرون ما الغيبة؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم. قال:((ذكرك أخاك بما يكره)).قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما
ــ
فلا تعطوه واحرموه. كني بالتراب عن الحرمان لقولهم: ما في يده غير التراب، كقوله صلى الله عليه وسلم: إذا جاءك يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه ترابا)) وفي الجملة المدح والثناء على الرجل مكروه؛ لأنه قلما يسلم المادح عن كذب يقوله في مدحه، وقلما يسلم الممدوح من عجب يدخله.
((قض)):وقيل: معناه أعطوهم عطاء قليلا، فشبهه لقلته بالتراب، وإعطائه بالحثى على سبيل الترشيح وللمبالغة في تقليل العطاء والاستهانة بهم.
الحديث السادس عشر عن أبي بكرة: قوله: ((قطعت عنق)) ((مح)):هذه استعارة من قطع العنق الذي هو القتل؛ لاشتراكهما في الهلاك، لكن هذا الهلاك في الدين، وقد يكون من جهة الدنيا. ((شف)) ((الله حسيبه)) يعني محاسبه على عمله الذي يحيط بحقيقة حاله ويعلم سره، وهي جملة اعتراضية. وقوله:((وإن كان يرى أنه كذلك)) يتعلق بقوله: ((أحسب فلانا)).قوله:((ولا يزكي على الله أحدا)) منع له عن الجزم وهو عطف على قوله: ((فليقل)) أي من كان منكم مادحا فليقل: أحسب فلانا كذا إن كان يرى أنه كذلك ولا يجزم بالمدح، ولا يزكي على الله أحدا بالجزم بمدحه.
أقول: أحسب أن قوله: ((والله حسيبه)) من تتمة القول، وقوله:((إن كان يرى)) الجملة الشرطية وقعت حالا من فاعل ((فليقل)) و ((على)) في ((على الله)) فيه معنى الوجوب والقطع. المعنى: فليقل: أحسب أن فلانا كيت وكيت والله يعلم سره فيما فعل، وهو يجازيه إن خيرا فخير وإن شرا فشر. ولا يقل: أتيقن أنه محسن، والله شاهد عليه على الجزم والقطع، وأن الله تعالى يجب عليه أن يفعل به كذا وكذا. ويقابله قوله صلى الله عليه وسلم:((إذا دعا أحدكم فليقل: اللهم اغفر لي ما شئت، ولكن ليعزم وليعظم الرغبة)). ((ولا يزكي)) جاء بإثبات الياء إخبار في معنى النهي، أي لا تكن منكم التزكية على الله.