أقول؟ قال:((إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته)) ررواه مسلم. وفي رواية:((إذا قلت لأخيك ما فيه فقد اغتبته، وإذا قلت ما ليس فيه فقد بهته)).
٤٨٢٩ - وعن عائشة ((رضي الله عنها))،أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم: فقال: ((ائذنوا له، فبئس أخو العشيرة)) فلما جلس تطلق النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه وانبسط إليه .. فلما انطلق الرجل قالت عائشة: يا رسول الله! قلت له: كذا وكذا، ثم تطلقت في وجهه، وانبسطت إليه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((متى عاهدتني فحاشا؟ إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره)).وفي رواية:((اتقاء فحشه)) متفق عليه.
ــ
الحديث السابع عشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((ذكرك أخاك بما يكره)) ((مح)):اعلم أن الغيبة من أقبح القبائح وأكثرها انتشارا بين الناس، حتى لا يسلم منها إلا القليل من الناس. وذكرك فيه بما يكرهه عام، سواء كان في بدنه، أو دينه، أو دنياه، أو نفسه، أو خلقه، أو ماله، أو ولده، أو والده، أو زوجه، أو غلامه، أو خادمه، أو ثوبه، أو مشيه، وحركته، وبشاشته، وعبوسته، وطلاقته، أو غير ذلك مما يتعلق به، سواء ذكرته بلفظك أو كتابتك، أو رمزت أو أشرت إليه بعينك أو يدك أو رأسك ونحو ذلك.
وضابطه أن كل ما أفهمت به غيرك نقصان مسلم، فهو غيبة محرمة، ومن ذلك المحاكاة بأن تمشي متعارجا أو مطأطئا، أو غير ذلك من الهيئات مريدا حكاية هيئة من تنتقصه بذلك.
الحديث الثامن عشر عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((فبئس أخو العشيرة)) كقولك: ((يا أخا العرب)) لرجل منهم ((مح)):العشيرة القبيلة أي بئس هذا الرجل من هذه العشيرة، واسم هذا الرجل عيينة بن حصين. ولم يكن أسلم حينئذ وإن كان قد أظهر الإسلام، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين حاله؛ ليعرفه الناس ولا يغتر به من لم يعرف بحاله. وكان منه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعده ما دل على ضعف إيمانه، ووصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه بئس أخو العشيرة من أعلام النبوة؛ لأنه ظهر كما وصف، وإنما ألان له القول تألفا له ولأمثاله على الإسلام. وفيه مدارة من يتقي فحشه وجواز غيبة الفاسق.
((حس)):فيه دليل على أن ذكر الفاسق بما فيه، ليعرف أمره فيتقي، لا يكون من الغيبة. ولعل الرجل كان مجاهرا بسوء أفعاله، ولا غيبة لمجاهر.
قوله:((إن شر الناس)) استئناف كالتعليل لقوله: ((متى عاهدتني فحاشا)) وهو إنكار على