وهو باطل بني له في ربض الجنة، ومن ترك المراء وهو محق بني له في وسط الجنة، ومن حسن خلقه بنى له في أعلاها)).رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن. وكذا في ((شرح السنة)).وفي ((المصابيح)) قال: غريب. [٤٨٣١]
٤٨٣٢ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتدرون ما أكثر ما يدخل
ــ
الفصل الثاني
الحديث الأول عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((في ربض الجنة)) ((نه)):وهو بفتح الباء ما حولها خارجا عنها؛ تشبيها بالأبنية التي تكون حول المدن وتحت القلاع. قوله:((من ترك الكذب)) قيل: أي من ترك الكذب في قوله طوعا وإرادة واتباع للصدق، ورأي أن الصدق أحق أن يتبع، والكذب باطل لا يجوز اتباعه. والتفوه به كالتأكيد والمبالغة في وجوب ترك الكذب، وهو جملة اعتراضية وقعت بين الجزاء والشرط كالبيان، أي الكذب باطل في الواقع لا يكون حقا. والباطل اسم جامع لما لا يحل. فقيل: معناه من ترك الكذب- والحال أنه باطل- لا يكون له ولا لغيره مصلحة فيه، كما ذكر في مرخصات الكذب من الحرب، وإصلاح ذات البين، والمعاريض، وغيرها فتكون جملة حالية.
قوله:((ومن ترك المراء)) أي الجدال والمماراة والمجادلة. وقوله:((وهو محق)) أي في ذلك الجدال فتركه كسرا لنفسه كيلا يرتفع على خصمه، وأن لا يظهر فضله عليه، فتواضع في ذلك مع كونه محقا فيه، بنى لهبيت في وسط الجنة.
أقول: لا شك أن قوله: ((وهو محق)) حال من فاعل ((ترك)) وقع تتميما للمعنى ومبالغة. وقوله:((من ترك الكذب وهو باطل)) قرينة له فينبغي مراعاة هذه الدقيقة. فالمعنى: من ترك الكذب، والحال أنه عالم ببطلانه في أمور الدين، لكن سنح له فيه منفعة دنيوية، فيتركها كسرا لهواه وإيثارا لرضى الله على رضاه، بنى له بيت في ربض الجنة. ولما كانت مكارم الأخلاق متضمنة لترك رذائلها وللإتيان بمحاسنها، عقبهما بقوله:((ومن حسن خلقه)) تحلية بعد التحلية.
قال الشيخ أبو حامد: المراء الاعتراض على كلام الغير بإظهار خلل فيه إما لفظا أو معنى أو في قصد التكلم، وترك المراء بترك الإنكار والإعراض. فكل كلام سمعته فإن كان حقا فصدق به، وإن كان باطلا ولم يكن متعلقا بأمور الدين فاسكت عنه.
الحديث الثاني عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((تقوى القلوب)) إشارة إلى حسن المعاملة