٤٨٩٨ - وعن عياض بن حمار المجاشي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((إن الله أوحى إلي: أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد)).رواه مسلم.
الفصل الثاني
٤٨٩٩ - عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا، إنما هو فحم من جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعل الذي
ــ
ولما كان الخطاب مع اليهود والنصارى، وغلت اليهود في حط المسيح عن منزلته حيث جعلته مولودا لغير رشده، عرض لهم بقوله: ((إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله)) وغلت النصارى في رفعه عن مقداره حيث جعلوه إلها، قيل لهم:((وكلمة ألقها إلى مريم)) أي مخلوق بكلمة ((كن)) وأوصلها إلى مريم وحصلها فيها. ثم أرشدهم صلوات الله عليه إلى أن غاية مدحه لا يتجاوز عن كونه عبدالله ورسوله تواضعا وهضما لنفسه، وفيه مبالغة في المدح مع تحري الصدق بخلاف الإطراء؛ فإنه مبالغة فيه مع توخي الكذب. وإنما كان مبالغة في المدح؛ لما شرف في مقام القرب ومجذع الوصل بقوله:} سبحان الذي أسرى بعبده ليلا {.
الحديث السادس عن عياض: قوله: ((أن تواضعوا)) أمر من التواضع تفاعل من الضعة، وهي الذل والهوان والدناءة، وقد وضع ضعة فهو وضيع. والفخر إدعاء العظم والكبر والشرف، والبغي الظلم. أقول:((حتى)) فيه بمعنى ((كي)) أي أن الفخر والبغي نتيجتا الكبر؛ لأن المتكبر هو الذي يرفع نفسه فوق منزلته فلا ينقاد لأحد.
الفصل الثاني
الحديث الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((إنما هو فحم)) حصر أباءهم على كونهم فحما من جهنم لا يتعدى ذلك إلى فضيلة يفتخر بها. قوله:((أو ليكونن)) ((قض)): ((أو)) ههنا للتخيير والتسوية. والمعنى أن الأمرين سواء في أن يكون حال آبائهم الذين يفتخرون بهم، وأنت مخير في توصيفهم بأيهما شئت.
أقول: الظاهرأنه عطف على قوله: ((لينتهين)) والضمير فيه ضمير القوم لا الآباء؛ لأن اللام في المعطوف والمعطوف عليه لام الابتداء على نحو قوله تعالى:} لنخرجنك يا شعيب والذين